يُعدّ اليمني ريان الفقيه “الدبا” بعناية في متجره بالعاصمة صنعاء، وهي حلوى تقليدية مصنوعة من اليقطين وتتميز بكونها غنية بالكريمة. يعود تاريخها إلى أجيال سابقة، وهي مستوحاة من محبة النبي محمد (ص) لليقطين.
وتنتشر محلات بيع المربى التي تلقى إقبالاً كبيراً في أسواق صنعاء مثل سوق الملح، الروضة، باب السباح، وسوق باب شعوب، والتي يزداد الإقبال عليها من قبل المواطنين، خصوصًا أولئك الذين أصبحت لديهم معرفة ولو جزئية بفوائدها.
وأشار الفقيه قائلاً “إن الإقبال الكبير على هذه الحلوى (اليقطين) دفعنا للاستمرار في تحضيرها، إذ يعكس ذلك حب الناس واهتمامهم بهذا النوع من الحلوى، وقد أصبحت من العادات التقليدية والشعبية المتوارثة”.
وأضاف “نقدّم الدبا بأنواع متعددة. يمكن تحضيرها كمربى بإضافة الحليب أو الطحينية أو السمسم. كما يقوم البعض بتحضيرها بطريقة الحنيذ داخل الماف (ضغاطة) مع الاحتفاظ بشكلها الطبيعي، ثم يتم تقطيعها وتقديمها. وهناك من يحضرها كشراب أيضًا”.
وقال، “بالنسبة إلى الحلويات الصنعانية، فهي تتناول بكثرة في رمضان وهي عادة بالنسبة إلى اليمنيين، ومن المعروف أنها ترجع إلى أصول المأكولات التركية الكثيرة مثل بنت الصحن، الرواني، البقلاوة، والشعوبية من الوجبات التركية المعروفة، ونحن نشتري منها بكميات لا بأس بها”. وتستمد نكهات “الدبا” المميزة من الانتقاء والتحضير الدقيق لليقطين.
وقال الفقيه، “في رمضان، يزداد الإقبال بشكل كبير، حيث يتجاوز 90 في المئة من أيام الفطر حسب ما نلاحظ من الحركة الجنونية رغم زيادة الأسعار في مكونات الحلويات. ورغم ذلك، فإن الإقبال يكون غير مسبوق، ويُعتبر هذا الموسم بالنسبة إلينا”.
ويرجع أصل هذه الحلويات إلى التواجد التركي في اليمن بحسب البعض، وبقيت هذه الأصناف متوارثة لعقود زمنية، إذ ما تزال تتصدر قائمة الحلويات الشعبية في اليمن.
ويقول أحمد عامر، صاحب أول محل لبيع مربى “الدبا” في ميدان اللقية، إنه وأفراد أسرته يعملون في بيع مربى “الدبا” منذ 40 عامًا، منوهًا أن لـ”الدبا” ثلاثة أنواع: الأول شركس ويعد الأطول عمرًا ويأتي من المناطق الوسطى؛ والثاني بطاطسي؛ والثالث صيني.
ويشير أحمد غليس، أحد أصحاب أشهر محلات بيع مربى “الدبا” في باب السباح، إلى أن القرع العسلي يعتبر من أجود وأفضل المواد الغذائية فائدة للإنسان، حيث يساعد على تليين المعدة، واسترخاء الجسم، وإزالة الأرق، وفقًا لزبائنه الذين يؤكدون هذه الحقائق. وأضاف أنه أيضًا يساعد على زيادة الطاقة الجنسية. وقال غليس إنه يعمل في هذا المجال منذ عام 1960 ولديه العشرات بل المئات من الزبائن الذين يترددون عليه من مختلف الفئات العمرية.
وقال أحد الزبائن، نجيب خيري، المقيم في صنعاء “مربى ‘الدبا‘ يُعتبر أولاً في صنعاء من الحلويات المشهورة، وهو يحلي به أهل صنعاء. وثانيًا، هو موروث ديني من حيث فوائده الصحية”. وأضاف أن هذه الحلوى تُعتبر جزءًا من التراث الديني، موضحًا أن النبي محمد (ص) كان يحب أكل اليقطين.
وقال أبوبكر الفقيه، بينما كان يشتري من أحد متاجر الحلويات في صنعاء “إن لها فوائد وتُعدّ من الحلويات الشعبية، وطعمها لذيذ، كما أنها مفيدة للمعدة،” مضيفا “هذه الحلويات الصنعانية تعودنا على تناولها منذ القدم كونها طازجة وتُنتج كل يوم، ونحن مستمرون في شرائها وتؤكل بعد العشاء ولها مذاق خاص”.
أما عن التراث الديني لليقطين، فقال حامد الطاهري، وهو مزارع وبائع لليقطين، “الناس يؤمنون بمكانة الدبا، ونحن أيضًا نؤمن به من منظور ديني، حيث ذكر في القرآن الكريم في قصة سيدنا يونس عليه السلام، فضلاً عن الأحاديث النبوية عن الرسول محمد (ص).”
وأضاف، كثيرون هم الذين لا يعرفون الفائدة الغذائية التي يحتويها “الدبا” ويتناولونه من وقت إلى آخر دون إدراك حقيقي بفوائده الصحية، حيث أن اليقطين من الثمار التي ذكرت في القرآن الكريم، “وأنبتنا عليه شجرة من يقطين” (الصافات: آية 146). ولم يغفل الحديث الشريف عن ذلك، فقد روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي (ص) كان يحب الدبا، لما له من فوائد غذائية جيدة.
ويقول ابن القيم إن “اليقطين بارد رطب، ماؤه يقطع العطش ويذهب الصداع الحار، وهو ملين للبطن وشديد النفع للمحمومين.” وبالجملة، فهو من أطيب الأغذية وأسرعها تأثيرًا. وبالتحليل المخبري، وجد أن القرع الكبير أو القرع العسلي يحتوي على الكثير من الفيتامينات ويقي من أمراض متعددة.