تدفق عشرات الآلاف من الفلسطينيين على الطريقين الرئيسيين المؤديين إلى شمال قطاع غزة أمس، بعد أن بدأت إسرائيل الانسحاب من محور «نتساريم»، الذي كان يفصل شمال القطاع عن جنوبه.
وباتت العودة متاحة عقب موافقة حركة حماس على تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود، وأسيرتين أخريين مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين، قبل الجزء الثاني من المرحلة الأولى التي ستنفذ السبت.
ودوّت صيحات الفرح من آلاف الأسر النازحة في الملاجئ ومخيمات النازحين، ومنها أسر نزحت عدة مرات خلال الحرب التي امتدت 15 شهراً. وتدفق الناس نحو الشمال سيراً على الأقدام على طريق يمتد بمحاذاة البحر المتوسط، وبعضهم يحملون الأطفال الرضع أو حزماً من الأمتعة على أكتافهم.
وقال شهود إن أول مجموعة من العائدين وصلت إلى مدينة غزة في الصباح الباكر بعد فتح أول نقطة عبور في وسط القطاع في الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي (05:00 بتوقيت غرينتش). وفتحت نقطة عبور أخرى بعد ذلك بنحو ثلاث ساعات تقريباً لدخول المركبات.
وأظهرت لقطات جموعاً غفيرة، من رجال ونساء وأطفال، تتدّفق بلا انقطاع مشياً على الأقدام. وأفادت تقارير بأن «أكثر من مئتي ألف نازح وصلوا إلى مدينة غزة وشمال القطاع في أول ساعتين».
أجمل يوم
وتصف ميس العوضي (22 عاماً)، عودتها إلى منزلها المدمر في حي الرمال غرب مدينة غزة بقولها إنه «أجمل يوم في حياتي. أشعر بالفخر والسعادة والنصر. روحي وحياتي عادتا إلي».
وكانت العوضي نزحت مع والديها وأشقائها الخمسة إلى رفح ثم خان يونس ثم مخيم النصيرات في وسط القطاع، لكنها انتظرت منذ الفجر في منطقة وادي غزة القريبة من مفترق نتساريم لتكون أول العائدين إلى مدينتها.
ووسط الحشود سار أطفال يرتدون سترات للتدفئة ويحملون الحقائب على ظهورهم بينما كان رجال يدفعون كبار السن أمامهم على الكراسي المتحركة. وحرصت أسر على التقاط الصور الذاتية (سيلفي).
وقالت أم محمد علي التي كانت تسير ضمن حشد كبير يمتد على مسافة عدة كيلومترات ويتحرك ببطء على الطريق الساحلي، «كأني ولدت من جديد وانتصرنا من جديد».
وصرّح إبراهيم أبو حصيرة وسط الحشود، «إنه شعور رائع أن تعود إلى ديارك مع عائلتك وأحبائك وتتفقد منزلك، إذا كان لا يزال هناك منزل». وقالت انتصار السعيدي «نحن سعداء لكننا نشعر بالحزن في الوقت نفسه لأننا فقدنا الكثير من أحبائنا. وابني شهيد».
لا تهجير
وقال أسامة (50 عاماً)، وهو موظف حكومي وأب لخمسة أطفال، عندما وصل إلى مدينة غزة: «قلبي يدق لأني كنت أتخيل أنني لن أرجع مرة أخرى». وأضاف: «إذا نجح وقف إطلاق النار أو لم ينجح لا يمكن أبداً أن نترك مدينة غزة والشمال بعد الآن، حتى لو بعثت إسرائيل ضد كل مواطن منا دبابة. لن يكون هناك تهجير مرة ثانية».
وقالت غادة وهي أم لخمسة أطفال «لم ننم.. أنا جهزت كل الأغراض من أجل العودة مع أول ضوء نهار».وأضافت عبر تطبيق للتراسل: «على الأقل عدنا لبيوتنا، الآن أستطيع القول إن الحرب انتهت وأتمنى أن يستمر الهدوء