آخر تحديث :الجمعة - 14 فبراير 2025 - 01:48 ص

كتابات واقلام


الانتقالي بين التحديات والواجبات: رؤية نقدية أم استهداف سياسي؟

الخميس - 13 فبراير 2025 - الساعة 11:50 م

جسار مكاوي المحامي
بقلم: جسار مكاوي المحامي - ارشيف الكاتب


التعقيب على مقال صالح النود يمكن أن يتناول عدة جوانب، سواء من حيث دقة الطرح أو السياق السياسي الراهن أو البدائل المطروحة. إليك رداً محكماً:


من السهل أن نرفع راية النقد، لكن الصعب أن نقدّم حلولاً واقعية تتناسب مع تعقيدات المشهد السياسي الجنوبي. مقال الأخ صالح النود جاء بنبرة هجومية حادة، لكنه افتقر إلى رؤية واضحة للإصلاح، بل اكتفى بتحميل مجموعةٍ مجهّلة مسؤولية كل الإخفاقات، وكأن القضية الجنوبية مجرد صراع بين أفراد داخل المجلس الانتقالي، وليس معركة مصير تخوضها كل القوى الجنوبية في ظل متغيرات إقليمية ودولية كبرى.
أولًا: هل المجلس الانتقالي مختطَف؟
الحديث عن "اختطاف" المجلس من مجموعةٍ ضيقة هو تبسيطٌ مخلّ لطبيعة العمل السياسي. المجلس الانتقالي ليس كيانًا جامدًا، بل هو مؤسسة نشأت من رحم النضال الجنوبي وتضم طيفًا واسعًا من القيادات والكوادر. نعم، هناك تحديات، وهناك حاجة لتطوير الأداء، لكن تصويره كأنه بيد قلة لا ترى إلا مصالحها فيه تجاهل للحالة السياسية المعقدة التي يعمل المجلس في إطارها.
ثانيًا: الشراكة والواقع السياسي
انتقاد شراكة المجلس مع بعض الأطراف بحجة أنهم "خصوم الأمس والغد" هو طرح عاطفي يتجاهل قواعد العمل السياسي، فحتى الدول الكبرى تتحالف مع أعدائها متى اقتضت المصلحة الوطنية ذلك. المجلس الانتقالي لم يدخل في شراكة من باب الترف السياسي، بل فرضت عليه الضرورة ذلك لإدارة الملفات الأمنية والعسكرية والاقتصادية، وهو يدرك تمامًا حدود هذه الشراكة.
ثالثًا: الإعلام الجنوبي ودوره
الحديث عن تسخير الإعلام الجنوبي لخدمة "مجموعة معينة" يتجاهل حقيقة أن الإعلام بطبيعته يعكس التوجه العام للمؤسسة التي ينتمي إليها. لكن في المقابل، هل هناك محاولات جادة من منتقدي الانتقالي لإنشاء إعلام مهني يعكس وجهات نظرهم بعيدًا عن التعميم والاتهامات غير الموثقة؟
رابعًا: الأداء والتقييم
لا يمكن إنكار أن المجلس الانتقالي بحاجة إلى مراجعة وتقييم شامل لسياساته، لكن السؤال هو: هل يتم ذلك عبر النقد البناء أم عبر حملات التشكيك التي لا تقدّم بديلاً حقيقيًا؟ الحل لا يكون بتوجيه اللوم المطلق، بل بتقديم مقترحات عملية للإصلاح، وهذا ما ننتظره ممن يرفعون شعارات الحرص على الجنوب.
خامسًا: بين النقد والاستهداف
المجلس الانتقالي ليس كيانًا مقدسًا، بل هو كيان سياسي قابل للنقد والتطوير، ولكن هناك فرق بين النقد الهادف وبين الاستهداف الذي يخدم أجندات أخرى. إذا كان الهدف هو تصحيح المسار، فيجب أن يكون الطرح موضوعيًا ومبنيًا على حلول قابلة للتنفيذ، لا على لغة التخوين والإحباط.
الخلاصة
المجلس الانتقالي هو الإطار السياسي الذي يقود المشروع الجنوبي اليوم، وهو بحاجة إلى التقييم والتطوير، لكن هذا لا يكون عبر جلد الذات أو الطرح الذي يسهم في إضعاف الصف الجنوبي. التحدي الحقيقي ليس في وجود أخطاء، بل في قدرتنا على تصحيحها مع الحفاظ على وحدة الصف الجنوبي في مواجهة التحديات.
أنقدوا كما شئتم، لكن لا تضعفوا سفينة الجنوب في وسط العاصفة.