آخر تحديث :الأحد - 02 فبراير 2025 - 03:19 ص

كتابات واقلام


صمود الجنوب.. الانتقالي بين إرث الماضي وتطلعات المستقبل”

الأحد - 26 يناير 2025 - الساعة 06:49 م

رائد عفيف
بقلم: رائد عفيف - ارشيف الكاتب



منذ أكثر من 35 عامًا، تعرض الجنوب لنهب ممنهج من النظام السابق، الذي استغل كل مواردنا لصالحه تاركًا خلفه تركة ثقيلة من الفقر والظلام. ومع ذلك، لم يتوقف الجنوبيين عن النضال.

في عام 1994، اجتاحت جيوش الاحتلال الجنوب، لكن الجنوبيين قاوموا ببسالة، وسقط الآلاف من الشهداء في معركة الحرية والكرامة. وفي 2007، عاد الجنوب ليطالب بحقوقه المسلوبة.

في 2015، بعد أن حاول الاحتلال العودة مجددًا، تمكّن الجنوبيين من الدفاع عن أرضهم وحققوا النصر بفضل تضحيات الشهداء، مما أفضى إلى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في 2017 ليكون الممثل الشرعي لشعب الجنوب في مواجهة الاحتلال والظلم.

الانتقالي تحت الهجوم: من نقد البناء إلى تصفية الحسابات

منذ تسلم المجلس الانتقالي تفويضه الشعبي الجنوبي، تعرّض لانتقادات واسعة، اذ يتم تحميله كل القصور والخطايا في الجنوب، وكأن حل جميع الأزمات كان متاحًا بين يديه. لكن هل نسى البعض أن تلك الأزمات كانت نتاج عقود من الفساد والتدمير الذي مارسه النظام السابق؟ هل نسينا تلك الأيام التي كان فيها الاحتلال يقمعنا بالحديد والنار، وتلك السياسات التي كان فيها المواطن لا يجرؤ على رفع صوته ضد الفساد؟

في ظل تدهور بعض الخدمات في الجنوب اليوم، من الطبيعي أن يكون هناك نقد، لكن من غير المعقول أن يكون الانتقالي هو المسؤول عن كل شيء.. لقد ورث المجلس تركة ثقيلة من فساد الحكومات السابقة، فهل يمكن تحميله وحده مسؤولية النهب المستمر الذي دام لسنوات، أم أننا سننسى سريعًا كيف كان الوضع في الماضي عندما كان النظام السابق يسلب حقوقنا علنًا؟

هل نعود مجددًا إلى قبضة من نهبوا حقوقنا؟

النقد الموجه للمجلس الانتقالي لا ينبغي أن يُستخدم كأداة لتصفية الحسابات أو العودة إلى سياسات الماضي. رغم التحديات التي يواجهها الانتقالي في ظل الأوضاع الحالية، فإنه لا يمكن إغفال ما قام به الجنوبيين للدفاع عن أرضهم وحمايتها. بدلاً من الانغماس في الانتقاد المستمر، يجب أن نسأل أنفسنا: هل نريد العودة إلى الظلم والاستبداد.. هل نريد إعادة العبودية والقمع الذي شهدناه في الماضي؟ أم أن الهدف هو البناء والاستقلال، وهو ما يواصل الانتقالي السعي لتحقيقه رغم كل الصعوبات؟

الانتقالي ليس ضد النقد، ولكن

من المهم أن نذكر أن المجلس الانتقالي ليس كيانا مثاليًا، ومن الطبيعي أن تحدث أخطاء في أي تجربة سياسية جديدة. لكن تحميله مسؤولية كل ما يعانيه الجنوب من تدهور اقتصادي وخدمي هو أمر غير عادل ولا منصف البتة.. الانتقالي يحاول ان يخط السير وسط ألغام سياسية واقتصادية معقدة، ويبذل الجهد من أجل حماية الجنوب.

ختامًا: معركتنا مستمرة

نحن في مفترق طرق..والجنوب يعاني من تحديات كبيرة، والمعركة لا تقتصر على الدفاع عن أرضنا فقط. إنها معركة للوفاء لتضحيات الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل الحرية.

علينا أن ندرك أن الانتقالي هو من يقودنا اليوم نحو الاستقلال، ولا يمكننا أن نسمح لأصوات التشكيك والانتقادات غير البناءة أن تضعف عزيمتنا. يجب أن نتوحد في مواجهة كل من يسعى لإعادة الجنوب إلى مستنقع الظلم الذي رفضناه.