آخر تحديث :الأحد - 28 أبريل 2024 - 08:31 ص

كتابات واقلام


هوس المجتمع بالتفاعلات السطحية على وسائل التواصل الاجتماعي

الأحد - 18 فبراير 2024 - الساعة 03:52 م

حافظ الشجيفي
بقلم: حافظ الشجيفي - ارشيف الكاتب


في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، هناك اتجاه مثير للقلق حيث تحظى المنشورات التافهة والمبتذلة بقدر هائل من التفاعلات، مما يطغى على المحتوى الهادف والقيٍّم الذي يتعمق في القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية. في حين أن مقاطع الفيديو الخاصة بالقطط والميمات المعاد نشرها والمنشورات التافهة تغمر الصفحات بآلاف الإعجابات والتعليقات والمشاركات، فإن المناقشات المهمة حول اهتمامات الناس وحقوقهم والتحديات المجتمعية لا تحظى بما تستحقه من التفاعلات.

إن السعي المتواصل للتسلية العابرة والترفيه السطحي يعكس عقلية مجتمعية تعاني من الافتقار إلى العمق والجوهر. بينما التفضيل الساحق للمحتوى التافه على القضايا الهادفة يتحدث كثيرًا عن أولويات واهتمامات المجتمع الحديث، مما يسلط الضوء على اتجاه مقلق نحو اللامبالاة والجهل فيما يتعلق بالموضوعات الجوهرية التي تتطلب الاهتمام والمشاركة.

إن التفاوت في التفاعلات بين المنشورات التافهة والمنشورات الهادفة يسلط الضوء على قضية أوسع نطاقا - تآكل وضحالة التفكير النقدي والانحلال الفكري والمسؤولية الاجتماعية داخل مجتمعاتنا. وبينما تهيمن الأمور التافهة على مشهد وسائل التواصل الاجتماعي لدينا، فإن المناقشات الحيوية حول الفقر، وحقوق الإنسان، وعدم المساواة الاجتماعية، والتدهور البيئي والمعيشي يتم تهميشها لصالح الانحرافات الطائشة.

ومن المحبط أن نشهد تراجع القيم المجتمعية وتضاؤل ​​الأهمية الممنوحة للقضايا الجوهرية التي تؤثر على مصلحتنا الجماعية. إن الافتقار إلى التفاعل مع المحتوى الهادف يعكس مجتمعًا يعطي الأولوية للإشباع الفوري والمشاركة السطحية على التفكير العميق والحوار الهادف. هذه السطحية لا تعيق قدرتنا على مواجهة التحديات الملحة فحسب، بل تديم أيضًا دورة من الجهل واللامبالاة التي ترسخ الانحطاط المجتمعي.

في حين قد يجادل البعض بأن التفاعلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي مجرد شكل من أشكال الترفيه أو وسيلة للهروب من الواقع، فمن الضروري أن ندرك الآثار العميقة لهذا الاتجاه. إن هوسنا بالمشاركات التافهة وإهمال المحتوى القيم يساهم في تعميق ثقافة الضحالة واللامبالاة، مما يعزز بيئة يزدهر فيها الجهل ويتم التغاضي عن القضايا الحرجة.ويشجع السلطات على الاستمرار في الفساد والنهب.

كما ان الدول المتقدمة الأخرى تستفيد من هذا التوجه في تقييم الشعوب فتتعامل معها بناء على ذلك وهذا يعني ان هوس مجتمعنا بالأمور التافهة له عواقب بعيدة المدى. إن الحروب والصراعات والمآسي التي ابتليت بها شعوبنا اليوم هي، جزئياً، انعكاس لتفاهتنا الجماعية وانحطاطنا،السافر مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة للتحول الثقافي نحو إعطاء الأولوية للجوهر على السطحية.

بينما نتنقل في المشهد المعقد لوسائل التواصل الاجتماعي، من الضروري إعادة تقييم أولوياتنا والتفاعل مع المناقشات والقضايا الهادفة حتى لا نكون عرضة لهجمات الاعداء انطلاقا من نقاط ضعفنا وهشاشتنا. ومن خلال التحرر من جاذبية التفاعلات التافهة واحتضان المحتوى الهادف، يمكننا المساهمة في مجتمع أكثر استنارة وتعاطفا ووعيا اجتماعيا وتأثيرا يقدر الجوهر على المظهر.