آخر تحديث :الأحد - 28 أبريل 2024 - 02:39 ص

كتابات واقلام


لا تختبروا يا سادة صبر شعب الجنوب

الأحد - 30 يوليه 2023 - الساعة 05:52 م

محمد علي محمد احمد
بقلم: محمد علي محمد احمد - ارشيف الكاتب


على قدر أهل العزم تأتي العزائم
و تأتي على قدر الكرام المكارم

حقيقة أستغربت حين سمعت خطاب الرئيس القائد عيدروس الزبيدي الأخير ، و لم استغرب ردة فعل الشارع الجنوبي الطبيعية لما هو غير طبيعي و الذي يستحيل أن يكون من صاغه للأخ الرئيس يحمل ذرة وطنية و إخلاص للجنوب أو أنه يعي معاناته المريرة طوال أكثر من ثلاثة عقود و نيف ، بل أن من كتبه بعيد كل البعد عن واقع أرض الجنوب و لا يمكن أن يكون بيننا أبداً ، سيما و قد سمعنا خطاب القائد عيدروس الذي سبق خطابه الأخير هذا فكان موفقاً فيه و أحدث تفائلاً بين أوساط المواطنين و استبشروا خيراً بقدومه أولاً ثم بما في طيات خطابه من كلمات و رسائل أعادت الروح إلى المواطن المذبوح

إلا أن الخطاب الأخير لكأنه لغماً و حجر عثرة ليحول بينه و بين الشعب ، و مؤامرة مدروسة استهدفت شخصية الرئيس القائد في المقام الأول لتمحو الأثر الطيب الذي أعاده في نفوس الناس ، بعد سلسلة من الأزمات و الحرب النفسية و سياسة الإذلال المستمرة دون هوادة ، في محاولة لإحباط معنويات الشعب التي تعافت قليلاً رغم الظروف القاسية ، فإذا بالخطاب الأخير الطامة و كأنها ممحاة سحرية و تشويش خبيث لقطع التواصل الذي استعاده مع الشعب بأعجوبة ..
فمن أي جهة جاء هذا الخطاب ؟
و كيف تم تمريره إليه ، و لماذا نطق بتلك العبارات التي دست كالسم في العسل ، في حق شعب لم يبقى في جسده موضع إلا وهو يئن و يمنعه من الصراخ كبريائه و عزيمة كالجبال و صبر لم ولن ولا يقدر أحد على تحمله محال ، و هل من المعقول أن يلقي بنفسه و باختياره من يؤمل عليه شعبه إلى التهلكة ، أو أن يحكم بإعدام هدف شعب هو حامله إلى حبل المشنقة !!

ثم أين كل تلك الهيئات و المستشارون و اللجان و الدوائر و الدراسات و الخبرات و النخب و رجال الفكر و السياسة من هذا ،
ألا يعلم من صاغ الخطاب أننا نمر بمرحلة حرجة بالنسبة لمصير الجنوب كشأن سياسي عام ، و وضع معيشي صعب خانق وتقصير خدماتي مزمن متعمد يعانيه المواطن في الجنوب في ظل أجواء شديدة الحرارة ، و تقهقر رجعي أكثر شدة ، وفساد إداري مخزٍ و عجز قيادي في حلحلة للأمور المستعصية ، وغياب تام سواء لسلطة ما تسمى بالدولة ، أو التي منحت شرعيتها سلطة الأمر الواقع ، من أن تقدم للمواطن في الجنوب ما يتوجب على الحكومة تقديمه لمواطنينا كـما تقدمه لمواطني مأرب و أجزاء من تعز و الحديدة في أرضهم ، إذا سلمنا جدلاً بأننا تحت حكم ( الشرعية) التي تمنح سكان تلك المحافظات و المناطق المحررة حق اللجوء في الجنوب و تتكفل بتوفير كل سبل العيش و الراحة و تعتمد لهم معاشات مجزية ، في حين أن أهل الأرض التي تستضيفهم يمارس عليهم الظلم و الحرمان و تقطع عنهم أبسط مقومات الحياة وحقوقهم مغتصبة !!
لماذا تمارسون التفرقة بأبشع صوره ، وحين يطالب شعب الجنوب بحقه في تقرير مصيره تقوم عليه القيامة !!
و الله يا حكومة (الشرعية) لستم إلا عدو وإن طالبكم شعب الجنوب بحقه في العيش بعيداً عن مطلبه في استعادة دولته ، و الذي كان يراه المواطن الجنوبي أمراً قاب قوسين أو أدنى ، و حين وجد نفسه و هو في كنف ما تسمى بالدولة الشرعية الوحدوية و بمشاركة من قادوا المقاومة الشعبية و النضال للوصول للهدف السامي النبيل لانتزاع الدولة الجنوبية ازادت مآسيه و آلامه ، و زاد الخطاب الأخير الطين بله ، فإذا بهم يُصْدَمَون فوق صدماتهم النفسية و الحسية و المعنوية ، و إذا بهم يرون ما كان ذي قبل قاب قوسين أو ادنى ، قد أصبح بعيداً صعب المنى ، و أمر يحتاج لمقومات ترتقي بقدر هذا المشروع و الحلم الكبير الذي قدمت لأجل تحقيقه التضحيات الغالية ، و ما زال الشعب يقدم التضحية تلو التضحية و الصبر و المصابرة و يتحمل فوق طاقته مالم تطقه الجبال الشامخة ، و يصارع الموت و صنوف العذاب تحوم حوله كالرياح العاتية و مازال بصموده الأسطوري في ملحمة وطنية وجودية عنوانها نكون أو نكون ، فمالك الأرض لا تمنعه وليست في قاموسه ( لا) من انتزاع حقه .

أبعد كل هذا الضيم الذي ناله ، مالمطلوب أكثر مما قدمه الشعب الجنوبي لكم دون أن تعطوه جزءاً بسيطاً من حقوقه ، بل أن حقه في العيش بكرامة صار حلم عجزتم عن تحقيقه ، فإذا به بعد ما قدمه ويقدمه من تضحية لم ينل منكم الشكر و لو بكلمة .