آخر تحديث :الثلاثاء - 01 أبريل 2025 - 03:07 ص

اخبار وتقارير


معركة تحرير العاصمة عدن.. عوامل الصمود ومقومات النصر

الأربعاء - 26 مارس 2025 - 11:45 م بتوقيت عدن

معركة تحرير العاصمة عدن.. عوامل الصمود ومقومات النصر

عدن تايم /خاص

مثّلت العاصمة عدن معقلاً رئيسياً وموطناً قيادياً للثورة السلمية التحررية الجنوبية. وبقدر ما كانت من بين أكثر محافظات الجنوب تعرضًا للظلم والقمع والإرهاب الفكري والمادي من قبل قوى الاحتلال، وأكثرها نهبًا وتهميشًا وإفقارًا، كانت أيضًا بالقدر ذاته قلب الثورة الجنوبية النابض ورأس حربتها المتقدمة ، فمن نسيجها الاجتماعي ونمط حياتها المدنية الحديثة، نشأ جيل من الشباب المتسلح بفكر الثورة الجنوبية، هؤلاء الذين خرجوا إلى الساحات حاملين رايات التحرر، مرددين أهازيج الثورة، وواجهوا بشجاعة استثنائية وسائل القمع والبطش، مقدمين قوافل الشهداء بسخاء. كانوا أول من حمل السلاح وانخرطوا في صفوف المقاومة الجنوبية.


لكن طريق المقاومة لم يكن مفروشًا بالورود، إذ وُضعت أمامها عقبات وشراك خطيرة، كان أبرزها تحويل عدن، التي لم تعرف التطرف يومًا، إلى بيئة خصبة للجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة والخلايا السرية التابعة لمنظومة الاحتلال بمختلف مسمياتها وتوجهاتها ، وكانت كل جهة تجهّز نفسها ماديًا وبشريًا وعسكريًا لاقتناص الفرصة المناسبة للسيطرة على المدينة.


إلا أن شباب المقاومة الجنوبية، الذين آمنوا بحتمية النضال الوطني التحرري، خاضوا غمار هذه المواجهة بكل إصرار ، ومع إدراكهم لخطر الميليشيات الحوثية ومشروعها الإيراني، تشكّلت مقاومة جنوبية باسلة صنعت النصر الأعظم، مسجلة أول وأقسى هزيمة للمشروع الإيراني وميليشياته بعد الانتصار الذي حققته المقاومة في محافظة الضالع.


*من ساحات النضال السلمي إلى ميادين المقاومة المسلحة*


وشكّلت معركة تحرير العاصمة عدن إحدى الملاحم الوطنية والتاريخية الاستثنائية، إذ تميزت منذ بدايتها بطابعها الوطني الشعبي. فقد تشكلت مجاميع المقاومة بشكل طوعي وعفوي، وبرزت في خطوط المواجهة، لا سيما في جبهة البريقة وداخل معسكرات التدريب والتجنيد ، حيث توزعت على مجموعات من الشباب الذين ترعرعوا في مدرسة الحراك والثورة السلمية، وأدركوا منذ وقت مبكر حتمية استعادة وطنهم ودولتهم.


وقد انضم إلى هذه المقاومة رفاق السلاح من السلفيين، لتتشكل بذلك ثنائية العقيدة الوطنية والعسكرية، المتمثلة في الدفاع عن الدين والأرض والعرض ، وبالتالي، فإن معركة تحرير عدن، التي بلغت ذروتها في 27 رمضان، لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت نتيجة طبيعية لنضال وطني طويل، توافرت له عوامل النجاح، ومنها البيئة الثورية التحررية الجنوبية، والدعم والإسناد من دول التحالف العربي، إضافة إلى المشاركة الميدانية لأبطال القوات الإماراتية.


فخلال سنوات المقاومة المسلحة الجنوبية، التي بدأت بعد احتلال الجنوب في 7 يوليو 1994م، وبلغت ذروتها بإعلان الحراك الجنوبي السلمي وانطلاق الثورة السلمية الجنوبية التحررية في عام 2007م، تم وضع اللبنات الأولى للنضال التحرري، وعلى الرغم من أن الحراك الجنوبي تبنّى الوسائل السلمية، إلا أنه لم يستبعد خيار المقاومة المسلحة، وهو ما تجسّد عمليًا بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، الذي بدأ برنامجًا ميدانيًا لإعداد وتدريب وتسليح الشباب وإنشاء المعسكرات لهذا الغرض.


وعندما تم تسليم صنعاء ومؤسسات الدولة المختلفة، خصوصًا العسكرية والأمنية، للميليشيات الحوثية دون مقاومة تُذكر، كان آلاف الشباب الجنوبيين قد التحقوا بمعسكرات التدريب والتجنيد ضمن تشكيلات المقاومة الجنوبية، كلٌّ في منطقته.


*نواة المقاومة الجنوبية وملامح النصر*


مثّلت هذه التشكيلات النواة الأولى للمقاومة المسلحة الجنوبية، التي انتشرت في مختلف محافظات الجنوب لمواجهة الغزو الشمالي الثاني، المتمثل في ميليشيات الحوثي الإرهابية وقوات صالح ، وكان إلى جانب شباب المقاومة طيف واسع من المقاتلين، لا سيما السلفيين والعسكريين الجنوبيين من القادة والضباط والأفراد، الذين توحّدوا على هدف واحد، مدركين أن النصر لن يتحقق إلا بثمنٍ غالٍ من التضحيات.


لقد كانت معركة تحرير عدن نموذجًا للصمود والتضحية، إذ خاض شعب الجنوب ومقاومته الباسلة هذه المواجهة بصلابة، مدفوعًا بإرادة حرة وتواق للكرامة والحرية، ولعب الدعم العسكري والإسناد الميداني من دول التحالف العربي، وخصوصًا الإمارات العربية المتحدة، دورًا حاسمًا في تأمين النصر ، حيث شاركت القوات الإماراتية في خطوط المواجهة، وأسهمت بفعالية في إدارة المعارك وحسمها، مما شكّل أحد العوامل الأساسية في تحقيق النصر ودحر الميليشيات الحوثية.


إن معركة تحرير عدن لم تكن مجرد محطة في سياق النضال الجنوبي، بل كانت البداية الحقيقية لمسيرة استعادة الدولة، وترسيخ الأمن، وتحقيق تطلعات أبناء الجنوب في بناء وطن آمن ومزدهر، يتمتع بالسيادة والحرية والكرامة.