دعا المجلس الانتقالي الجنوبي المنظمات الدولية إلى نقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة عدن.
وجاءت هذه الدعوة في سياق متسارع من الأحداث الإقليمية، خصوصًا بعد تصنيف الولايات المتحدة جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية، مما يجعل المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بيئة غير آمنة لعمل المنظمات الإنسانية والإغاثية.
وتتميز العاصمة عدن ببيئة مستقرة توفر أمانًا للمنظمات، إلى جانب بنية تحتية تلبي احتياجات الفرق الإنسانية.
وعزز قرار تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أهمية عدن كمركز آمن وفاعل لاستقبال هذه المنظمات، بما يسمح لها بمواصلة تقديم خدماتها بعيدًا عن المخاطر والتهديدات.
وليس نقل المقرات إلى عدن مجرد خطوة لوجستية، بل يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو تمكين الجهود الإغاثية من الوصول إلى الفئات الأكثر حاجة، بعيدًا عن ضغوط المليشيات ويمثل دعمًا مباشرًا لاستقرار الجنوب وتعزيز مكافحة الإرهاب.
وتأتي الدعوة أيضًا في إطار تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن، وحث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته تجاه الشعب المتضرر.
*خيار استراتيجي للمنظمات الدولية*
ولا تُعد عدن مجرد عاصمة سياسية للبلد، بل هي مدينة استراتيجية تستمد أهميتها من موقعها الجغرافي المميز، الذي يجعلها بوابة للمنظمات الدولية نحو مختلف المحافظات ، تتوفر فيها بيئة ملائمة للعمل الإغاثي بفضل استقرارها النسبي مقارنة بمناطق الصراع الأخرى.
ويمكن أن يسهم التحول نحو عدن في تحسين أداء المنظمات الإنسانية، خصوصًا في ظل القيود التي تواجهها في مناطق الحوثيين، حيث يمكن للمنظمات التي تختار عدن كمقر جديد أن تستفيد من الدعم المحلي والبنية التحتية التي تشمل الموانئ والمطارات الدولية.
و إلى جانب ذلك، فإن وجود المنظمات في عدن يعزز من فرص التعاون مع السلطات المحلية، مما يسرّع من تنفيذ المشاريع الإغاثية ويزيد من كفاءتها في مواجهة الأزمة الإنسانية.
ويحمل القرار رسالة واضحة بأن عدن ليست فقط ملاذًا آمنًا، بل أيضًا مركزًا حيويًا يدعم الحلول الإنسانية المستدامة في ظل النزاعات المستمرة.
*التحديات والفرص*
ورغم المزايا التي تقدمها عدن كمدينة مستقرة نسبيًا، إلا أن هناك تحديات قد تواجه المنظمات الدولية عند انتقالها، ومن بين هذه التحديات الحاجة إلى تنسيق أكبر مع السلطات المحلية، وضمان حماية العاملين والفرق الميدانية في ظل الوضع الأمني العام.
ومع ذلك، توفر عدن فرصًا كبيرة للمنظمات الراغبة في توسيع نشاطها، حيث يمكنها العمل بحرية كبيرة واستقرار أمني لطواقمها الأجنبية دون ضغوط أو ابتزاز من أطراف النزاع.
كما أن قرب عدن من مناطق الاحتياج يسهل وصول المساعدات إلى مختلف المناطق الجنوبية والغربية.
ويساهم وجود المنظمات الدولية في عدن أيضًا في تعزيز الدور الرقابي الدولي على سير العمليات الإغاثية، مما يضمن تحقيق الشفافية والحياد في توزيع المساعدات، ويمكن لهذه الخطوة أن تكون نقطة انطلاق لشراكات طويلة الأمد بين المنظمات الدولية والسلطات في عدن، مما يحقق فوائد متبادلة لجميع الأطراف.
*أثر نقل المقرات على المشهد الإنساني*
وسيكون لنقل المقرات الرئيسية للمنظمات الدولية إلى عدن أثر إيجابي مباشر على العمليات الإنسانية في اليمن والمواطنين في ظل الصعوبات التي تواجهها المنظمات في مناطق الحوثيين.
وعلى المستوى الدولي، سيسهم ذلك في تحسين صورة اليمن كدولة قادرة على احتضان العمل الإنساني، وهو ما قد يشجع المزيد من الجهات المانحة على تقديم الدعم المالي واللوجستي.
وإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز وجود المنظمات في عدن سيدعم الجهود الدولية في تسليط الضوء على الأزمة اليمنية، مما قد يدفع نحو حل سياسي شامل ينهي المعاناة .
وختامًا، يمكن القول إن استجابة المنظمات الدولية لدعوة المجلس الانتقالي الجنوبي ستشكل خطوة نحو بناء بيئة إنسانية أكثر استقرارًا، تعزز من جهود الإغاثة والتنمية في البلاد، وتخفف من معاناة الشعب وتعيد رسم المشهد الانساني .