آخر تحديث :السبت - 04 مايو 2024 - 11:57 م

كتابات واقلام


جذوة مشتعلة في ضمير الوطن

الجمعة - 28 فبراير 2020 - الساعة 11:36 ص

د.سعيد الجريري
بقلم: د.سعيد الجريري - ارشيف الكاتب


27 فبراير ذكرى مؤلمة، ففي مثل هذا اليوم من عام 2008 رحل الأستاذ فؤاد محمد بامطرف، وهو في عنفوان جسارته الوطنية، وفرادة موقفه السياسي وثباته، واتساع رؤيته.

فؤاد بامطرف من أولئك الذين لا يتكررون، بسهولة. لقد عرفته قبل ثلاثين عاماً، عندما كان رئيس تحرير صحيفة الشرارة حينئذ، وكنت أتهجى مسار الكتابة الصحفية، فألفيت فيه لا رئيس التحرير حسبُ، وإنما السياسي ذا الرؤى المنفتحة في زمن أحادية الرؤية الحزبية.

لقد بدأت الكتابة مشاغباً، سواءً في المقالات الأدبية أو السياسية، وكان لي في الأستاذ فؤاد معلماً وموجهاً. وأذكر أنني عندما كنت أمر بمكتب الصحيفة أو المطبعة، لتسليم المقالات أو استلام الحق الفكري، أحرص، عادةً، على السلام عليه، والإصغاء إلى انطباعه عما أكتبه، وما يخصني به من توجيه.

ثم حدثت متغيرات، وتبدلت وجوه، وسقطت أقنعة قبل 94 وبعده، لكن الأستاذ فؤاد لم يتماهَ مع لحظة شائهة، بل ظل على درب الريادة رافضاً، مقاوماً، قائداً ذا خيال سياسي يفتقد إليه كثير ممن تلفعوا بالسياسة. وأذكر أنني حتى عندما غادرت في نهاية 94 إلى العراق، ظل بيننا تواصل في الشأن العام، عندما كان في مقدمة المناوئين لوضع ما بعد الحرب.
ولعل مما يوقف الغصة في الحلق أن الأستاذ فؤاد الإعلامي والصحفي والسياسي المتفرد لم يحظَ بما هو أهلٌ له حياةً ومماتاً، فهو ملهِم بكل ما للكلمة من معنى، وله من الديناميكية الفكرية والعملية ما تفتقد إليه اللحظة الراهنة في حضرموت التي كان في طليعة الذائدين عنها مواجهاً ما تتعرض له من تجريف على أصعدة شتى.

فؤاد بامطرف، إن يكن قد رحل جسداً، فإنه جذوة مشتعلة في ضمير الوطن، وعلى دربه مضت جموع، من خلفها جموع، تحمل راية الحرية، لا تساوم على مستقبل الكرامة الذي كان ينسج خيوطه حتى آخر نفَس، ولم يهادن.

السلام على روحك أستاذنا النبيل!