آخر تحديث :الجمعة - 03 مايو 2024 - 08:27 ص

كتابات واقلام


(من هنا تخرج سياسة العالم)..خوازيق بريطانيا !!

السبت - 19 أكتوبر 2019 - الساعة 02:56 ص

د. علوي عمر بن فريد
بقلم: د. علوي عمر بن فريد - ارشيف الكاتب


يقول الأكاديمي والسياسي الدكتور عبدالله النفيسي في مقابلة مع الإعلامي عمار تقي في برنامج «الصندوق الأسود»، تعليقاً على منع الكويت بث إحدى حلقات برنامجه «المائدة المستديرة» على التلفزيون في السبعينيات: سعيت لإجراء مقابلة مع السير همفري تريفليان، لأهمية الشخص وتاريخه. والسير همفري يهودي إنكليزي من عائلة تريفليان اليهودية «الشهيرة»، وكان سفيراً في القاهرة عندما وقع انقلاب عام 1952، وسفيراً لبريطانيا في بغداد عندما وقع انقلاب عبد الكريم قاسم عام 1958.
وكان آخر معتمد بريطاني في عدن حتى 30 نوفمبر عام 1967م،يقول د. النفيسي قررت أن أعمل معه مقابلة تلفزيونية فبحثت عن عنوان منزله حتى وصلت ،وعند وصولي ومعي فريق التصوير قرعت الجرس وفتح الباب رجل كبير في السن فسألني : ماذا تريد ؟! فقلت له : أود أن أقابل السير همفري تريفليان . فقال لي :
أنتظر قليلا ثم ذهب وناداه وأقبل الرجل فقال لي : نعم ماذا تريد ؟!
فقلت له : أنا من تلفزيون الكويت لأجري معك مقابلة تلفزيونية وتاريخ مهماتك في القاهرة وبغداد .. ورحب بي الرجل كأنني هبطت عليه من السماء !!
وقال : تفضل بالدخول وأحضروا لي الشاي ،ثم قال لي : تفضل ما هي طلباتك ؟؟
فعرفته على نفسي وقلت له أنا رئيس قسم في جامعة الكويت وخريج العلوم السياسية كلية تشرشل ..فقال : سيكون النقاش جيدآ معك ولكن كم ستدفعون لي ؟؟!!
فقال د.النفيسي :لم أكن أتوقع أنه سيطلب مالا!! وعندما بدأنا نشغل أضواء الكاميرات
للتصوير ،قال لنا : من سيدفع فاتورة الكهرباء ؟ أنتوا الآن تستهلكون تيار كهرباء على حسابي فمن الذي سيدفعه ؟؟؟! فقلت له : السفارة ستدفع أبعث لها الفواتير وأنا قد أبلغتهم ووافقوا وقالوا : سندفع له إذا لزم الأمر 500 جنيه وكان المبلغ كبيرا في ذلك الوقت !!
ثم بدأ يتكلم عن مهمته في العراق ثم قال لي :ممكن تقول للمصور يغلق الكاميرات والصوت ؟..ثم دعاني إلى مكتبه وسحب كتالوج صور كبير جدا وفتحه وظهرت فيه الصورة الأولى له ولعبد الكريم قاسم وهما يسبحان في حوض السفارة البريطانية ببغداد ،والصورة الثانية لهما معا وهما يأكلان على نهر دجلة !!ثم صورة ثالثه له ولعبد الكريم قاسم وهما يلبسان شورتات بيضاء وقمصان بيضاء ويلعبان التنس في ملعب السفارة !! فقلت له : علاقتك بقاسم أكثر من شخصية ؟؟ فقال لي : هو رجلنا في بغداد !! فقلت له : طيب ليه هددنا في الكويت عام 1961م ؟ قال لي :أحنا قرصنا آذانكم !! لأن صوتكم عالي واجد لماذا ترددون وتهتفون لعبد الناصر ؟؟ فقلت له :إحنا هتفنا نعم ، قال : حبينا نعطيكم درسا وانتو ستحصلون على الاستقلال نريد نعرف كيف ستتصرفون ؟؟ ما تستغنون عنا ندافع عنكم لازم ما تنسون يا كويتيين إن إحنا نحقق لكم الأمان وبدوننا ما في أمان !!
وعود على بدء في دور هذا الرجل همفري تريفليان ودوره في تعجيل الاستقلال في الجنوب العربي بأكثر من عام بعد فشل حزب المحافظين البريطاني في الانتخابات البريطانية وفوز حزب العمال هو الذي سرع بالانسحاب البريطاني من عدن ،وكان أن أدخل الجنوب في دوامة العنف والضياع منذ الاستقلال المنقوص حتى اليوم ،ولم يكن ما جرى في الجنوب مصادفة بل ولا فركة إذن .. بل تدمير كامل أراد الانجليز أن يلقنوا شعب الجنوب درسا قاسيا ليكون عبرة لدول الخليج كافة ...ويتذكروا العبارة الشهيرة المكتوبة على مدخل البرلمان البريطاني ونصها (من هنا تخرج سياسة العالم )!!ولكن الصحفي العدني الأستاذ فاروق لقمان له رأي آخر": تساءلت عن أسباب انهيار السياسة البريطانية بالنسبة للجنوب وكيف لم تطبق خطة شبيهة بما فعلته في بقية مستعمراتها بدرجات متفاوتة من النجاح- من الملايو التي أصحبت الآن تعرف باسم ماليزيا - إلى قبرص رغم ما حدث لها بعد ذلك نتيجة للغزو التركي عام 1974م لحماية السكان الأتراك من عسف الأغلبية بعد الانقلاب العسكري المفاجئ في أثينا الذي أطاح بالملك. فأجابوا وانعكس ذلك في المسلسل الذي بثته القناة الرابعة ثم الكتاب الموسوم «إمبراطورية» للمؤلف فرجوسن أن الأوضاع الناجمة في الجنوب إثر اندلاع الثورة في اليمن مع الوجود العسكري المصري الكثيف حتى 1967م وضعف حكومات المحميات ونزعة الدويلات الشرقية في حضرموت إلى الاستقلال التام تكالبت ضد بلورة خطة بريطانية يمكن تطبيقها بنسبة معقولة من النجاح كما حدث في المستعمرات الإفريقية إلى حد ما.

أضف إلى ذلك أن الجنوب كان يفتقر إلى جبهة مقاومة موحدة على نطاق شعبي كامل بل كان العكس هو الصحيح. كانت هناك عدة جبهات منها الجبهتان المعروفتان واحدة تؤيدها مصر واليمن وأخرى أيدتها القوات المسلحة الجنوبية والثالثة لم تكن حركة مقاومة يحسب لها حساب ضمت السلاطين بسبب خلافاتهم ، والرابعة والخامسة والسادسة سلطنات حضرموت، القعيطية والكثيرية والمهرة مع سقطرى، لذلك كان مؤتمر جنيف أيسر الطرق للهروب من عدن بأقل التكاليف، لأن بريطانيا تملصت بعد أشهر من التزاماتها المالية ومنها عشرة ملايين جنية استرليني لدعم الميزانية لفترة محدودة.والحق يقال أننا كنا نستهجن في سرنا ما كان يقول الشيخ الأزهري علي بن أحمد السليماني الذي كان يقول : بريطانيا لا زالت في الجنوب ولم تخرج منه بعد !!
وبالفعل لقد انتقمت من شعب الجنوب بأدواتها الرخيصة وعملائها المستترين بالثورية والتقدمية والمتدثرين بالشعارات والبعض منهم من أبناء الجنوب واليمن وأنتم تعرفونهم بكل تأكيد والبعض منهم لا زالوا أحياء يرزقون !!
د. علوي عمر بن فريد