آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 11:25 ص

كتابات واقلام


وصية إلى أولادي من بعدي

الخميس - 18 يوليه 2019 - الساعة 01:55 ص

د. عبده يحي الدباني
بقلم: د. عبده يحي الدباني - ارشيف الكاتب


أبنائي وبناتي الأحباء وفقكم الله في حاضركم ومستقبلكم وسدد خطاكم.
اني أريد أن ألفت انتباهكم إلى أن لي حقوقا مالية عند جامعة عدن تصل إلى مليون ونصف مليون ريال تقريبا وهي مستحقات الإشراف على طلاب الدراسات العليا ومناقشة رسائلهم وبعض الحقوق الأخرى المتعلقة بحوافز بعض اللجان وتدريس أكثر من فصل في كلية التربية ردفان.
أحبتي إني أوصيكم بمتابعتها واستلامها فإني أراها بعيدة المنال ولن تخرج على المدى المنظور ما دامت دولة الفساد قائمة، ودولة الجنوب لم تقم بعد.

هذة الوصية ليست شعورا بدنو الأجل فلا تجزعوا ولكن يأسا مما لدى الجامعة لنا من مستحقات فإننا منذ مطلع ٢٠١٣م لم نستلم أي مستحقات تخص الإشراف على رسائل طلاب الماجستير والدكتوراه وكذا حقوق المشاركة في المناقشات. لقد مرت الشهور ومرت السنوات ولا شيء يبدو في الأفق فاصابنا الإحباط من متابعة الجامعة، فالطلاب الذين تخرجوا على أيدينا في الدكتوراه قد حصلوا على لقب الأستاذ المشارك وبعضهم قد وصل إلى منصب نائب رئيس جامعة أو عميد كلية وغيرها - وهذا شرف لنا - بيد أن مستحقات الإشراف عليهم ومناقشة رسائلهم لم تطلع بعد
مع أن النفوس قد طلعت وبعضها قد انتقلت إلى بارئها.
رحم الله الدكتور صالح باصرة
وطيب ثراه فلم تكن هذه المستحقات تتأخر أكثر من شهرين وقد كان رحمه الله ينقل الاعتمادات المالية من بند إلى آخر فيسلم للأساتذة حقوقهم حتى تأتي الاعتمادات المخصصة لبند الدراسات العليا فيستعيد ما قدمه من قبل.
لهذا يا أبنائي الأعزاء لا تفرطوا بهذا الحق ولا يصيبنكم اليأس والإحباط مثلي فقد تستطيعون التعامل مع هذا الزمن أكثر منا فالناس كما قيل يشبهون أيامهم اكثر مما يشبهون آباءهم وإذا قيل لكم إنكم سوف تستلمون مبلغا كبيرا من النقابة يصرف عادة لكل أسرة متوفي فلا داعي لمستحقات الإشراف والمناقشة والانتداب فلا تصدقوهم فهذا حق وذلك حق. وحتى حقوق المتوفين التي تجمعها النقابة بواقع راتب يوم من كل عضو هيئة تعليمية وعضو هيئة مساعدة في كل شهر فإن دونها متاعب ومتابعات فلم يسلم من الطوابير حتى الموتى في زمن أضحى الموت فيه هو سيد الموقف وهو اللاعب القوي والمنتصر في الساحة فانتظروا مع المنتظرين وتصدقوا مما سوف تستلمون إلى روح ابيكم
فهو حينها أحوج حتى للريال الواحد، واذا تعثرت تلك المستحقات حتى بعد الموت فلا تلجأوا إلى محاكمة الجامعة وإن كان ذلك حقا مشروعا فالجامعة منا ونحن منها على أية حال.
لقد دعوت يوما إلى كلية الآداب في جامعة حضرموت لمناقشة رسالة ماجستير وما أن دخلت قاعة المناقشة حتى سلمني أحدهم بكل احترام ظرفا فيه مستحقات المناقشة ليس قبل أن يجف عرقي ولكن قبل أن تسقط مني قطرة عرق في صيف المكلا الحار، اما في جامعة عدن فحدث ولا حرج فحين كنت رئيسا لقسم اللغة العربية في كلية التربية عدن من مطلع ٢٠١٣م إلى آخر ٢٠١٨م أنجز القسم ما يقرب من ستين رسالة وأطروحة في الماجستير والدكتوراه في علوم اللغة العربية وآدابها واستقدمنا أساتذة مناقشين خارجيين من جامعة حضرموت والحديدة وصنعاء وتعز واب وذمار والبيضاء_ لاحظوا غلبة الجامعات الشمالية_ وحتى الآن لم يستلم منهم أحد مستحقاته فإذا سألنا عن نقابة جامعية تطالب بهذه الحقوق لم نجد أمامنا سوى نقابة معتقة قد ذهب أكثر أعضائها إلى مناصب إدارية وقد تجاوزت العشر السنوات منذ ذلك المؤتمر المزيف الذي حمل هؤلاء الزملاء على اكتافنا عشر سنوات عجاف ولا يزالون كأقدم نقابة عرفها التاريخ.
إن المستحقات المعتمدة للإشراف والمناقشة مبالغ زهيدة اعتمدت في منتصف التسعينيات ولم تعد مناسبة اليوم لما يبذل من جهد علمي في عملية الإشراف والمناقشة ومع هذا كله فإن هذه المستحقات ما تزال معطلة رغم تراكمها الطويل .

حتى أمكم أيها الأحباء لم تعد تسألني عن تلك المستحقات ولكنها طالما سألتني من قبل فيبدو أنها يأست كما يأسنا واحبطت كما أحبطنا في هذا الزمن الردي.
ومع أن الدكتور الخضر لصور رئيس الجامعة زحزح بعض الملفات المزمنة مثل ملف المنتدبين وملف المتعاقدين وملف أراضي الجمعية السكنية الجديدة وبعض التسويات إلا إنه لم يقترب من ملف مستحقات الإشراف والمناقشة الذي ينمو كالورم السرطاني مع ان رئيس جامعتنا طبيب جراح معروف.

المعروف ان أساتذة الجامعات
في كل مكان لا يعتمدون في الأساس على رواتبهم فحسب
فهناك مهام ينجزونها بين وقت وآخر يتقاضون عليها حوافز
مثل الريازات والمناقشات والإشرافات والساعات الإضافية
وعضوية اللجان وغيرها اما نحن فلا شيء لا شيء غير الراتب حتى الجنود صاروا يتقاضون راتبا بالسعودي وراتبا باليمني ومصاريف يومية
وهم يستحقون ذلك.
فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

د عبده يحيى الدباني