آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 04:40 ص

كتابات واقلام


الارتباط الشبكي للفساد يعيق مكافحته

الثلاثاء - 09 يوليه 2019 - الساعة 02:17 ص

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


بعد انتهاء الحرب تبدأ الحرب الاخرى واي حرب هي ، حرب ليس فيها قصف ولا تفجير ولانسف ولا تدمير حرب لاتخلف في ضحاياها قتلى أو جرحى انها حرب النفس الامارة بالسوء مستوطن الفساد وهي اشد وطأة من محاربة الاعداء وضرب الرقاب بالسيوف وقصف التحصينات بالمدافع .. فالنفس كائن خفي لاترى بالعين ولا تحس باليد وليست جرم يتخذ شكلا هندسيا له ابعاد الاحجام والمسافات ...
لقد نضح الفساد بكل اشكاله والوانه من على السطح واتخذ اساليب الوقاحة والعنجهية وصارت له يد طولى تلطم ولسان حادة تبرم وسلطة وسطوة لا ترحم ،، الفساد تطبع اداريا وماليا وقانونيا واختلط على الناس كنهه فلم يعد يستطيع عاقل ان يميز الصلاح من الفساد او ينكره بسبب التعود عليه والذي حوله الى سلوك تطور عند البعض فصار فسادا احترافيا
قد لا يليق اليوم ان تصف العمل بالفساد والعامل به بالفاسد خجلا منه او احتياجا له بالغد فاستفحل وترك بصمته الشاملة في كل شيء حتى ان المراقب والمدقق في متابعة الفساد لن يستثني احد بالفساد الوبائي .. فكيف سنكافح الفساد وهو هلامي ويشبه الكرة لاوجه له ولا بداية كلما اوغلت في التنقيب عنه غاصت جهودك به دون ان تخرج منه بشيء فلا تستطيع جهة ان تقبض منه قبضة بيدها لانه هلامي لايترك اثرا باليد .
للفساد في كل دول العالم ادوات ووسائل لمكافحته منها رقابية وقضائية وضبطية فالاجهزة الرقابية المتتبعة لحركة الفساد لا تألوا جهدا في رصده وتتبع تحركاته ومراقبة المناقلات والتداول الفاسد للفساد وفوق ذلك اكتشفت الاجهزة الرقابية ان جهودها لم تكن سوى مناورات الغرض منها لفت انتباه مؤشرات الفساد لضبط تحركاتها وسد الثغرات التي ستسقط الفاسدين صيد سهل في دوائر المكافحة وعليهم اخذ الحيطة والحذر
اما اجهزة القضاء فهي تعاني من التداخلات فيما يطلق عليه بجهة الاختصاص القضائية واي درجة من درجات التقاضي تقبل قضايا المستويات المتفاوتة في تهم الفساد فهناك فساد ادنى وفساد اعلى وفساد اعم وغيره من تسميات القضاء ودرجات المحاكم الابتدائية والاستئنافية والعليا وفي الأخير صنعت بمهارة محاكم خاصة ونيابات تم تسميتها بمحاكم او نيابات الاموال العامة وغوص في اروقة التقاضي فترة من الزمن تتيح للمدان في قضايا الفساد ان يرتب اموره ويتهيأ لمجاراة التقاضي امام القاضي والذي في الأخير قد يعفى من مهامه القضائية لعدم الاختصاص
اما الاجهزة الضبطية وهي المكلفة بضبط الفساد والفاسدين وحجزهم او القبض عليهم او التحفظ عليهم فمن ستكون واي جهة ستتبع واي نوع من انواع الامن هي ، فقوات الامن العام او الشرطة القضائية او الاعلى منها او الادنى من التي ستقبل بالتحرك لضبط الفساد والفاسدين خاصة اذا كانوا من الصف الاعلى دستوريا وفق الحصانة والضمانة والمكانة
ان الفساد الهلامي الشبيه بالكرة والذي لاوجه له لم ولن يتم البدئ بعد بالتحرك للتصدي له ومواجهته ولاسباب لها علاقة فيما ذكر فهي عوائق وحواجز صد تحول دون تنفيذ برامج المكافحة ولهذا يشتد الفساد وتشتد ضراوته كلما اعلن عن التحرك للتصدي له ومو اجهته فهو اشبه بقرار مجلس الأمن الذي يسقطه الفيتو فدول لها حق النقض تعطل صدور القرار وكذا مكافحة الفساد تتطلب الاجماع دون استخدام حق النقض الفيتو فقط علينا ان نبحث في صلاحيات الفيتو واقناعهم بعدم استخدامه عند العزم على اتخاذ القرار بمكافحة الفساد والا سيلغى القرار وسيتم التحفظ على ملف القضية ومنع النشر مخافة التشهير والتعريض بالفاسد قبل ادانته وتجريم من يفعل ذلك وسيتم نقل الفاسد من منصبه ويكلف بمهام اخرى اعلى تفاديا للصدام مع الأخرين او ينقل الى خارج البلد بقرار رئاسي او حكومي او وزاري او اداري او انساني او تدخل دولي ويبقى الوضع على ماهو عليه ويرتب المنصب لتجربة اخرى قد تصاب بفيروس الفساد الوبائي ضعيف المكافحة.