آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:32 ص

كتابات واقلام


هذا جيش مخضرية وليس جيش وطني يا شرعية

الجمعة - 29 مارس 2019 - الساعة 07:23 م

محمد عبدالله القادري
بقلم: محمد عبدالله القادري - ارشيف الكاتب


بهذه الكلمات اختصر أحد ضباط الجيش الوطني المرابط في محافظة مأرب شرح الكارثة الكبيرة داخل الجيش الوطني.
هذا الضابط معروف بوطنيته والنظرة المحدقة نحو الوطن ، ومعروف بنضاله وتضحياته وغيرته الوطنية وحبه للوطن .
كتب هذه الكلمات في احد جروبات الواتس متألماً مما يحدث داخل الجيش ومصارحاً بالمشكلة الحقيقية ، مما جعلني أتألم مما قاله وافقد الكثير من الأمل الذي لن يتحقق للوطن إلا بوجود جيش وطني حقيقي.

كتب هذا القائد العسكري هذه الكلمات ،" المحسوبية والحزبية والمناطقية والعمالة افسدت وقسمت الجيش واقصت وهمشت المناضلين وضيعت المرتبات والحقوق وشردت الابطال وعقدت المنظمين واخرت الحسم
وخلقت المشاكل وظلمت المستقلين واثارت الفوضى"

كلمات صادقة عندما نقارنها بمعطيات الواقع ، وشرح وجيز شمل كل الكوارث التي تحدث داخل جيش الشرعية ، وحروف مخلصة تحذر الوطن والدولة من الجريمة التي تتواجد في السلك العسكري التي تنعكس بنتائجها السلبية نحو الوطن والمواطن والدولة .

هذه السلبيات القاتلة عندما نجدها تمارس داخل جيش الدولة الشرعية ، تجعلنا نتراجع عن اطلاق عبارة الجيش الوطني على جيش الشرعية ، ولم نستطع أن نسميه إلا انه جيش مخضرية .
كان احد سكان صنعاء القديمة يبيع طعام يسمى البرعي في سوق الملح ، وذات يوم استيقظ من الصباح كعادته ليطبخ الطعام فجاء حمار إلى جانبه وتبرز لداخل القدر الذي يطبخ فيه البرعي ، لم يتوقف الرجل ليلقي بذلك الطعام الذي افسده براز الحمار بل استمر في الطبخ حتى نضج وبدأ مباشرة البيع لزبائنه.
كان الزباين ينظرون لذلك الطعام الذي تغير لونه فيسألونه عنه فيرد عليهم هذه مخصرية ،،، فيأكلونها الزبائن وهم ممتعضين من طعمها ومستغربين من نوعها.
جيش الدولة الشرعية الذي كنا نأمل ان يكون بناءه كجيش وطني على أسس سليمة في هذه الفترة بعد قيام الانقلاب كي يساهم بتحرير اليمن كافة ويضمن عودة ووجود وبقاء دولة حقيقية ، لم يتحقق لنا ما كنا نطمح به والمشكلة ان الاحزاب والقيادات الفاسدة جاءت وتبرزت داخل الجيش فأفسدت الجيش وقسمته وعقدت المنظمين إليه وخلقت المشاكل ، فتحول جيش الشرعية إلى جيش مخضرية ولم يعد جيش وطني.

الجيش الوطني الحقيقي يتم بناءه على اسس وطنية ويكون ذو استقلالية تامية من التعامل الحزبي ، وتديره أطر واستراتيجيات تصد أي تسلل للفساد الاداري والمالي والتعليمي.
لكي يظل الوطن موحد ذو دولة قوية بادارة نظام واحد فلابد من بناء جيش وطني .ولا يعتبر اي جيش انه وطني إلا إذا كان موحد ، اما ان يتم بناء الجيش عبر ولاءات حزبية ومحسوبية وقبلية ، فسيتم بناء جيش مقسم يخلخل الدولة ويقسم الوطن ويثير الصراع .
وعندما يكون هناك فساد مالي واداري من اختلاسات ومحسوبية تمارسه قيادات الجيش فلن يتم بناء جيش قوي كفو ، وانما سيتم بناء جيش ضعيف وهمي.
الحزبية والفساد داخل جيش الشرعية ستجعل الجيش مقسم يتبع الاحزاب لا يتبع الوطن ، وتجعل هناك جيش وهمي من ورق وليس الجيش المطلوب وجوده في الواقع.

بعد قيام الانقلاب كنا نظن ان الاحزاب والمكونات قد تعلمت الوطنية وحرك ضميرها ما حدث للوطن ، وسيتعاون الجميع ليدلي بدلوه في بناء جيش وطني ، ولكن المشكلة ان الاحزاب لم تستفيد من درس الانقلاب ولم ينغرس داخلها الوازع الوطني ، فسعت لاستغلال فرصة بناء الجيش التي اوجدها الحرب ضد الانقلاب لبناء جيش حزبي يهدف من خلال بناءه لتحقيق هدف مستقبلي للحزب .
حزب الاصلاح ركز على بناء قوة عسكرية تتبعه داخل جيش الدولة الشرعية ، ولذا تعامل على أساس حزبي وكأنه يطمح للقيام بانقلاب عسكري داخلي على الدولة ولا يريد تحرير دولة شرعية وتحريرها من الانقلاب الحوثي عليها.
بقية القيادات في الجيش تعاملوا على اساس قبلي مناطقي من خلال تعيين شخصيات من اقاربهم في مواقع قيادية للجيش ، ومن امثلة ذلك كثير وكثير ولعل آخرها قيام وزير الدفاع المقدشي بتعيين احد اقاربه مدير لشرطة المهرة ليؤكد ذلك ان الوزير يدير الجيش عبر تعامل المحسوبية وهو الأمر الذي يعانيه الجيش وكان يفترض من الوزير ان يصحح الخلل لو كان بالفعل يريد بناء جيش وطني.

لو تم بناء جيش على اسس وطنية خالي من التبعية للاطراف والاحزاب والفساد لما حدثت الكثير من المشاكل في المناطق المحررة .

ستون الف من مقاومة تم ترقيمهم وضمهم للسلك العسكري وهذا العدد كافي لتأمين عدن منذ البداية ومنع وقوع اي جريمة ولكنه ليس قوة حقيقية على الواقع ولم يكن موحد إذ لو كان الجيش وطني موحد ما حدث اي صراع عسكري داخلي في عدن.

اربعون الف جندي في تعز ولا يوجد في الميدان ربع العدد ، ولم يكن هذا العدد موحد .
لو كان هناك جيش وطني حقيقي في تعز لكان هذا العدد قد حرر تعز وفك عنها الحصار ، ولكن لأنه حزبي ولد صراع داخلي في تعز وكان سبباً لكل مشاكل تعز المحررة.

في مأرب عندما تصرف الاكرامية المقدمة من المملكة تكتظم شوارعها بالزحام الشديد بسبب حضور الافراد المسجلين في كشوفات السلك العسكري والذين يغادرون مأرب فور استلامهم للاكرامية .
عدد القوة العسكرية من الموارد البشرية اربعمئة الف والحضور بالميدان اربعون الف ، اي بمعدل 10% فقط ونسبة 90% اسماء وهمية وافراد ذو محسوبية على الكثير من القيادات من اقارب ومنطقة وقبيلة يستلمون مرتباتهن وهم في بيوتهم .
هذا الفساد جعل هناك جيش من ورق ، وتسبب في عدم بناء جيش وطني مطلوب لوجود دولة قوية في المناطق المحررة واستعادتها لكل المناطق التي لم تتحرر.

اربع سنوات منذ بداية الحرب كافية لبناء جيش وطني مطلوب شأنها شأن الكليات العسكرية التي تخرج وتؤهل عناصر عسكرية كفوة ومؤهلة خلال مدة كهذه .
ولكن بسبب الفساد والحزبية لم يتحقق بناء الجيش المطلوب خلال هذه المدة ، وهو ما يجعلنا نصارح الجميع ان سبب تأخير الحسم وتوقف الجبهات والصراع الذي يحدث في المناطق المحررة يعود للفساد والحزبية داخل الجيش .
لست متحاملاً على الجيش التابع للشرعية ، فأنا من أشد من يطالب بوجود جيش وطني وقد كتبت مقالات عدة من قبل من ضمنها يحمل عنوان الجيش الوطني هو الحل .
ولكنني ارفض اي ممارسات خاطئة تبني هذا الجيش لتحرفه عن المسار الوطني المطلوب ، وسأنتقد اي فساد وحزبية داخله واطالب بتحريره من الحزبية من اجل ان يقوم بالتحرير المطلوب للوطن.

قبل اشهر كتبت مقال انتقدت فيه ممارسات حزبية همشت قيادات وطنية مناضلة في مأرب واتهمني الكثير باقتراف الخطأ وخدمة الحوثي مجرماً عليّ الحديث عن المؤسسة العسكرية ، بل لو كنت في مأرب لتم القبض عليّ والتحقيق معي .
والحقيقة ان اولئك يريدون ان يحققون اهدافهم داخل الجيش ويمارسوا فسادهم براحتهم دون ان يعترضهم او ينتقدهم أحد.
لا يا قوم من يخدم الحوثي هو من يتعامل بحزبية ويمارس الفساد دخل المؤسسة العسكرية للشرعية، اما من ينتقد ويرفض تلك الاخطاء فهو وطني يحارب الحوثي ويريد بناء جيش وطني حقيقي في وطنه ، ولذا سنستمر في النقد وفي مقالات اخرى نكمل حديثنا في هذا الموضوع.