آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 09:21 ص

كتابات واقلام


ما الذي يجري في مدارسنا؟

مدارسنا نوعان: مدارس الذكور من الصف الأول (وأحيانا مابعد الصف الثالث) وحتى إكمال الثانوية العامة، ومدارس الإناث، بالمثل من الصف الأول، وحتى إكمال المرحلة الثانوية، ومع أن النظام التعليمي واحد، لا يختلف، ومع أن المنهج واحد كذلك (لا يختلف)، إلا أن الدراسة في مدارس الذكور مختلفة جدا عن الدراسة في مدارس الإناث، والوتيرة مختلفة، والمتابعة العلمية مختلفة، والعجيب أن الناس مع كل ذلك يتساءلون: لماذا تتفوق بنات حواء على الذكور، وكأن لا شيء يمكن أن يوجد (بكسر الجيم)، أو ينتج هذا الفارق الملموس بين الذكر والأنثى؟!
ماذا يعني هذا؟ هل من المعقول أن نصنع نحن المشاكل، والمعوقات كالجبال لجيل الأمل الذكوري، ثم نقول: أنى هذا؟ نرمي بأفلاذ الأكباد، وعماد المجتمع لإدارات مدرسية فاشلة، مترهلة، خاوية من أحاسيس الشعور بالمسؤولية الوطنية، ثم نقول كما قال أحد مدرسي النحو (خريج جامعي) لمن سأله عن نسبة الرسوب بين طلابه: (الطلاب يا عزيزي لم اجتهدوا، ولم ثابروا) ماذا عساها أن تصنع الإدارات المدرسية، والمدرسون الذين لاهم لهم سوى العمل الفئوي، أو السياسي، أو الحزبي، أو.. أو.. أو.. الخارجون عن الجهوزية للعمل التربوي والتعليمي.. ماذا عساها الإدارة المدرسية أن تنتج؟ وماذا ستختار من المدرسين؟ وكيف ستقول للمدرس الذي لا كفاءة له (كمن ذكرنا آنفا) : قف!! وهي نفسها بحاجة لمن يقول لها: قفي!! وكيف يمكن لها أن توفق بين هواها السادر في الضياع، ومطلب المجتمع بتخريج جيل قادر على تحمل المسؤولية.
هنا تكمن المشكلة.. في مدارس البنات اختيار صارم للإدارة المدرسية أولا.. خيرة الأكفاء من المدرسين والمدرسات.. إلزام بما يلزم، بدءا من المتابعة، حتى الجزاءات، ثم يعبر البعض عن استغرابه لاختلاف النتائج في قوائم الذكور عن قوائم الإناث!!
المشكلة مصنوعة دون شك.. مقصودة دون ريب.. لكنا لا نعلم لماذا؟! ولا لمصلحة من دفع الذكور إلى الضياع في شوارع اليأس، وأرصفة الإحباط؟! ولنفترض البراءة، فلماذا لا يقوم المختصون ببحث أصل المشكلة، لا الظواهر، وصياغة المعالجات الناجعة، والمخلصة؟.
صحيح أن إضعاف الوضع الاجتماعي للمدرس، بما تم من إنتقاص لمكانته الأبوية، التربوية؛ وتحديدا بما تم فرضه من التشريعات الحديثة المثيرة للجدل، فضلا عن الوضع المعيشي المتردي.. صحيح أن كل ذلك قد يكون بمجموعه قد ساهم بشيء من إضعاف العملية التعليمية، لكنه ساهم في إضعاف هذه العملية بين الإناث أيضا بالضرورة، فالدرجات الوظيفية واحدة، وبحسب المستوى، وسني الخدمة.. فلماذا كل هذا الضياع بين الذكور..؟ لماذا يغدو الذكور في الهامش، وتصبح الأنثى في واجهة المجتمع، والكفاءة، والاختيار؟!
لقد نسي البعض أن العملية التنموية لا يمكن أن تقوم على أحد الجنسين دون الآخر، وأن المستقبل المشرق الذي نأمله، والقادم إن شاء الله من خلف جبال الفتن السوداء، المتربصة؛ لا يمكن أن تبنيه، أو تحميه سوى الأكتاف، والعضلات القوية.