آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 12:59 ص

كتابات واقلام


#أعوذ_بالله_من_غضبه_وسخطه #لو_كان_الفقر_رجلا_لقتلته

الأحد - 06 يناير 2019 - الساعة 11:38 ص

نزار أنور
بقلم: نزار أنور - ارشيف الكاتب


هذه العبارة التي ينسبها البعض إلى الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه و البعض الآخر ينسبها إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأناها و نحن صغارا و أدركنا معناها حين كبرنا و كبرت معنا مداركنا و همومنا التي أثقلت كواهلنا ، الشاهد في أمر هذه العبارة ليس فيمن قالها أو إلى أي رجلين نسبت و لكن الشاهد هي قصة عشتها هذا الصباح باكرا مع ساعات فجره الأولى دفعتني إلى تذكر عبارتنا تلك حين نطقت بها عفويا بعد وقوع تلكم القصة القصيرة التي سأرويها لكم .

قبل أن تكمل السادسة صباحا دقائقها قررت الخروج من منزلي بعد أن عدت من صلاة الفجر إليه مرة أخرى و ذلك لأذهب و أتناول حبتين خمير و قلص شاهي كما نحب أن نسميها نحن هنا في عدن من المقهى الذي في حيينا ، المهم و أنا أخطوا خطواتي الأولى بعد خروجي من المنزل أسمع صوت أحدهم يصيح و يقول : (( أمسك به)) و سمعت قرع خطوات متسارعة تقترب مني و لكن في الإتجاه الآخر و من خلف السيارات التي تملاء شارعنا أدركت صاحب الخطوات حين نظرت إليه مباشرة و هو يعدو بسرعة كبيرة جدا تقارب سرعة ذلك الصوت الذي سمعته عرفت مباشرة بأن الرجل يفر من فعل قد قام به هممت باللحاق به فلم أدركه فقد كان سريعا للغاية و لكنني عرفت أين أتجه و إلى أين يريد الفرار عدت مباشرة إلى الشارع الرئيسي في الحي فوجدت صاحب ذلك الصوت الذي نادى لي في البداية و كان صاحب الكشك الموجود في قبالة شارعنا و هو يظل مفتوح طيلة اليوم فسألته : مالذي فعله الرجل ؟ ، أخبرني أنه قد سرق بطارية من إحدى السيارات الموجودة في الحي ، فألتفت إلى الأسفل و أخبرته بأنه اذا كان يعرف مداخل و مخارج الحيي جيدا فأن الطريق الذي سلكه ربما يمكنه من الهروب أما إن لم يكن يعرف ذلك فلن يذهب بعيدا و بالفعل سمعنا صوت من الأسفل قريب من إحدى الحمامات العامة و الخلفية للمنازل (جلي) يصيح و ينادي و يقول هو موجود داخل هذا (الجلي) ، فهرعنا بسرعة اليه و طلبنا منه الخروج بهدوء لكن الرجل بدا و كأنه لن يستسلم و رفض ثم مضى يتسلق جدران أحد المنازل بطريقة عجيبة حتى صعد و لأننا من أبناء الحي قبضنا عليه بسرعة بعد أن حاصرناه و هو يحاول الهروب من سطح منزل إلى منزل آخر حين قبضنا على ذلك الرجل كان أول ما نطق به هو : ((لست سارقا الجوع من دفعني لأسرق ، أنا نازح من الحديدة و لدي أطفال جياع )) لا أعلم مدى صدق مقولة الرجل و لكنني أخبرت الشباب أن لا يضربوه و هناك آخرين أيضا من الشباب حاولوا أن يمنعوا بقية الشباب من ضربه ثم سلمناه لبعض العسكر من أبناء الحي و طلبنا منهم بأن يذهبوا به إلى الشرطة بعد أن صعد باص أوقفناه و صعدوا هم معه .

ما أريد أن أقوله من خلال هذه الحكاية بأن الجوع قد فتك بأحوال الناس هنا في عدن من المقيمين فيها من أهلها فما بال تلك الأقوام التي أتت إليها نازحة مستجيرة تطلب النجاة من لظى نار تلكم الحرب لتقع في لظى الجوع و ناره و لسان حالها يقول كما قال الشاعر :
(( المُستجيرُ بعمروٍ عِندَ كَربَتِهِ
كالمُستَجيرِ مِن الرَّمضاءِ بالنارِ. )) .

بعيدا عن ما إذا كان ذلك الرجل سارق يمتهن السرقة أم لا و بعيدا أيضا عن جرم ما أحدث و فعل يحاسب عليه أم لا و بعيدا أيضا عن العاطفة التي حركتني لكتابة هذه الكلمات و ربما تصديقه لأنه بالفعل ليس من هنا كما بدا ذلك واضح عليه و على تصرفه حين فشل في الإفلات و الهروب بعيدا عن كل هذا، إن كنا اليوم سنقف عند هذه الواقعة لنحاسب هذا الرجل الضعيف من سيحاسب أولا أكبر مسؤول في الدولة الذي دفع بذلك الرجل و أسرته و غيره و غيرها من الأسر بالخروج من منازلهم دون أن يؤمن لهم مأوى أو سكنا و طعاما و رزقا كريما ، من سيحاسب أيها السادة المحترمون وزير حقوق الإنسان و القائمين على إغاثة هؤلاء و من خلفهم أيضا رئيس الوزراء و الرئيس و قيادة ما نسميه بالتحالف اللذين لا يمكننا أن نرفع عنهم تحمل تلك المسؤولية و إستمرار و قوعها، بل من سيحاسب تلك المنظمات الدولية المعنية بالاغاثة و حقوق الإنسان و منذوبيها القائمين عليها و التي تشهد فسادا و جرما كبيرين لا يقلان أبدا عن الفساد و الجرم التي تشهده إدارة و أجهزة الدولة هنا في عدن إن كانت هناك دولة أصلا .

_ نسخة مع التحية بدون فخامة أو سيادة إلى كل من :
_ دول ما يسمى بالتحالف العربي .
_رئيس الجمهورية المشير / عبدربه منصور هادي
_رئيس الوزراء / الدكتور / معين عبدالملك
_وزير حقوق الإنسان
_محافظ محافظة عدن .

#كتب / نزار أنور