آخر تحديث :الأربعاء - 24 أبريل 2024 - 03:18 ص

كتابات واقلام


رحيل باعباد

الأربعاء - 26 سبتمبر 2018 - الساعة 01:40 م

هاشم عبدالله الحامد
بقلم: هاشم عبدالله الحامد - ارشيف الكاتب


الحمد لله لقد فجعنا برحيلك أيها الداعي المنور ، و تألمنا لموتك أيها الشيخ الجليل غادرتنا سريعا و كأنك تقول لنا إن العبرة ليست بعدد سنوات عمر الإنسان بل بما يحققه من إنجازات في مراحل عمره العامر و مدى اغتنامه لحياته العابرة ، غادرتنا و أنت تحمل راية الوسطية الحقة ، تعرف الجاهل وترشد الضال و تنشر الفضيلة و تفعل الخير (وافعلوا الخير ) غادرتنا و الأمة بحاجة لأمثالك بحكمتك و رؤيتك الواضحة ، وأهدافك العالية لخدمة الدين وخدمة الإنسان .. أخي وصديقي الشهيد : لقد تركت آثار واضحة ، وسمعة حسنة ، و مواقف طيبة تشهد بتميزك وفطنتك وصدقك ، سيحزن عليك رباط الإسعاد ، وتنتحب عليك بلدتك الغرفة وكل موطن ذكرت الناس فيه بالله سبحانه و تعالى ( سنكتب ما قدموا وآثارهم ) مواقفك يشهد لك بها كل من خدمتهم و أكرمتهم ووجهتهم . علمك و عملك يشهد لك بهما العلماء ممن أخذت عنهم العهود و المواثيق لحمل رسالة النور . منهجك يشهد لك به منبرك و حسن بيانك ، ومدرستك ومؤسستك يشهدان لك بحسن وجهتك ، أما قلمك فكم كنت تعبر به عن صدق مشاعرك ... حتى قصائدك تشهد بصفاء سريرتك و رقة مشاعرك ، وحكمتك تشهد لك بها مجالس الصلح أنك كنت من أهل الحل والعقد عندما تكون فيها ، واقعيتك تشهد لك بفهمك للمرحلة ، كنت داعما للاستقامة ناشرا للقيم.. تعددت أساليبك و طرق جمعك للناس و بإذن الله لن تسقط هذه الراية التي كنت تؤمن بها ، و خلفت جيلا يحمل الرؤية لمواصلة المسيرة ( وأن إلى ربك المنتهى ) فقيدنا .. لقد ذقت كأس المنية وتوقفت عجلة الحياة بك وانكشف لك الغطاء عن زيف الحياة الدنيا القصيرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ، عيشها حقير وعمرها قصير ، مت غريبا عن الأوطان لتنال كرامة الشهادة ، بعيدا عن أهلك و أحبابك ، ولقد كانت جنازتك مشهودة كلها عبر ومواعظ و دليل للمحبة لمن خالطك ، أو أقتنع بأطروحاتك ، ومنهج السعة في معاملاتك فظهر ذلك جليا في الأعداد الغفيرة لمراسيم تشييعك و كما قال الإمام أحمد بن حنبل :( بيننا و بينهم الجنائز ) وتطمينا لقلب كل محب ، و سلوة لفؤاد كل كئيب بمصيبة موتك ورحلة وداعك أن يتذكروا موت سيد البشرية و حبيب الإنسانية وانتقاله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى حيث قال لنا مثبتا : « إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي ، فإنها أعظم المصائب » فقيدنا لقد كنت متميزا موفقا في بناء علاقاتك ، تعتمد على قاموس الحب و قد ملكت به السلطة الروحية في أوساط محبيك ، ورثتها عن والدك ومشايخك فكنت بها مظهرا للوسطية والربانية و انموذجا للقدوة الحسنة للشاب الداعي والواعي كانت لك آمال كبيرة في عودة وطنك الجريح و أنت تشاهده يتمزق و يتقزم ، و يتأخر فخاطبت العقلاء بقولك : (أوقفوا الحرب ) كانت لك آمال لمساعدة المستضعفين و المعوزين ليعيشوا حياة كريمة ، لأنهم هم مفاتيح النصر كانت لك آمال كبيرة لتستمر ينابيع الحكمة من مدرسة حضرموت لتغذي العالم بقيمها وأخلاقها وتميزها كانت لك آمال في أن تساعد شبابا يحملون مهارات الإبداع والإتقان ليجمعوا بين شرف العلم النبوي والعلم الأكاديمي كانت حياتك تمثل منهج مدرسة حضرموت العالمية في ثباتها وقوتها التي لاتتوقف عند مناصب أو جاهات بل هي تعلو عليها فقيدنا .. لقد رحلت عنا إلى عالمك البرزخي وما يملكه محبوك إنما هو دموع وآهات وحسرات على فراقك وكأني بأهل مدينتك (الغرفة ) يبكون وينتحبون.. أحقا رحل عنا سراجنا ومنصبنا وشيخنا ؟ الغرفة التي كنت تشوقنا إليها يا حبيبنا أبا أحمد منذ أن عرفتك وصاحبتك أيام دراستنا في الأردن الشقيق أكثر من ربع قرن ناصحا ومحبا لقد كنت تحفزنا لزيارة موطنك ومسقط راسك (الغرفة) وتجملها في أعيننا وتستشهد لنا بقوله تعالى ( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا) رحمك الله أخانا عبدالرحمن وجمعنا بك بعد أعمار طويلة في جنات تجري من تحتها الأنهار آمين آمين يارب العالمين . هاشم عبد الله الحامد