آخر تحديث :

كتابات واقلام


#دعه_يمر

الإثنين - 24 سبتمبر 2018 - الساعة 02:54 م

نزار أنور
بقلم: نزار أنور - ارشيف الكاتب


ربما يكون هذا المصطلح شائع الإستخدام بين الإقتصاديين كثيرا ، و هو مصطلح ظهر في منتصف القرن السابع عشر في فرنسا حين إستخدمه الفرنسيون آنذاك كتعبيرا عن السياسات الإقتصادية الحرة التي تحد من تدخل الدولة إلى أقصى حد ممكن في الاقتصاد و ذلك قبل أن ينسبه الكثيرون للإقتصادي الشهير (آدم سميت) بعد أن تضمنه كتابه الشهير (ثروة الأمم) فعرف بعدها و شاع إستخدامه تحت هذا المسمى (دعه يمر دعه يعمل) . و لأن السياسة قد يعرفها البعض بأنها عبارة عن إقتصاد مكثف فيبدو أن بعض السياسيين قد إستخدموا هذا الشعار و هذا المفهوم بأسلوب جديد و مبتكر لرسم سياسة تعاملهم مع الآخر حين يكون ذلك الآخر بالنسبة لهم يشكل تهديدا أو إزعاجا لأهدافهم الإستراتيجية التي يصبون إلى تحقيقها ، الغريب في الأمر أن ذلك المفهوم ظهر من أجل أن يمنح رؤوس الأموال في الأسواق الاقتصادية الحرية في طريقة إدارتها لتلك الأسواق بغض النظر أننا نتفق على صواب تلك النظرية من عدمها ، إلا أن غرض إستخدامها في السياسة هو مختلف تماما ، بما يعني أن تلك النظرية أجتزأها السياسيون فقط في عبارة (دعه يمر) لكن العبارة الأخرى المكملة لها و هي (دعه يعمل) تركوها مجتزئة ربما ليضعوا عوضا عنها (دعه يتحدث) أو ما يشاؤون ليتحكموا في خط سير ذلك المرور لذلك الآخر اللذين لا يريدونه يعمل خوفا منه أن يهدد تلك المصالح و الأهداف، إذا نظرنا إلى واقعنا السياسي في اليمن على سبيل المثال فإننا سنجد أن هذه النظرية تمارس عمليا بإختلاف تلك الجهات أو القوى التي تمارسها و بإختلاف حجمها و قوتها مقارنة بذلك الآخر، فبعض تلك القوى السياسية في الداخل تمارس تلك السياسة على قوى أصغر منها و لعل أيضا القوى الإقليمية تمارسها و لكن بشكل أقل حدة و بروز على تلك القوى في الداخل و القوى الدولية تمارس نفس السلوك على الإقليم و لكن أيضا بوتيرة و ضغط أقل بكثير . حقيقة كنت أظن أن بعض القوى أو الشخصيات السياسية بالذات الجنوبية و أخصها بالذكر لأنها تمس محيطي مباشرة ، كنت أظنها قد تعلمت من دروس ذلك الماضي السحيق آبان عهد الإستقلال من بريطانيا العظمى ، سمعت الكثير على مر تلك السنوات التي مضت من كثير من تلك القوى و تلك الشخصيات التي تطلق على نفسها صفة التاريخية في الجنوب و التي نشهد بأنها ظلمت في تلك الحقبة و مورست عليها أساليب القمع و القتل و السجن و التهجير سمعت منها الكثير من ذلك الحديث حول العدالة الاجتماعية و الفرص المتساوية و عدم الإستقواء على الآخر بقوة السلاح و عن جنوب يبدو حين كانوا يصفونه في ذلك الوقت هو أشبه بالفردوس ، لكن حين شاءت الأقدار اليوم أن تضع المظلوم في موقف المتسلط أو القادر تناست كل ذلك ليخرج علينا أحدهم و بعد يومين من مناقشات نريد من خلالها أن نضع هذا الآخر أمام تحمل مسؤولياته لترجمة تلك الدعوة التي أطلقها هو إلى حقيقة عملية ، ليخبرنا بأن مكاتبه مفتوحة أمام الجميع و أرقامهم معلومة لدينا و أنهم هم من وجه الدعوة لذلك الحوار الجنوبي الجنوبي تماما على طريقة #دعه_يمر و لا نريد أن نشير إلى أسماء بعينها لأن من سيقرأ ما كتبته سيفهم جيدا ما أعنيه ، لكن دعوني هنا فقط أذكركم بشيء واحد فقط و سؤال واحد فقط أطرحه عليكم جميعا هو : أين ذهب الأولون اللذين كانوا أكثر منكم قوة و تسلطا و قدرة و أين ذهبت كل تلك القوة و القدرة و التسلط حين إحتاجوا لها ؟ إن أجبتم على ذلك السؤال بتجرد و صدق ، ستدركون بأن نظرية #دعه_يمر التي تتبعونها لن تصلنا أبدا إلى طريق آمن و أن نظرة الإستعلاء تلك التي و جدتها حاضرة في خطابكم السياسي أيضا لن تفضي إلى حوار العقول بل ستقودنا مباشرة نحو فوهة البنادق و نحن خزائننا ملئ بذلك الإرث البغيض و قد ثملنا حتى أصابنا الضجر و يتجاذبنا الشوق نحو إرث آخر مختلف و جديد نصنعه نحن لأنفسنا لا غيرنا ، وإلا إن كنتم قد عجزتم عن فعله و لا طاقة لكم به أو لا تدركون كيف تقومون به فأتركوا العالم يصنعه لكم كما يشاء هو لا أنتم . كتب / نزار أنور عبدالكريم