آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 11:02 م

كتابات واقلام


ألا ياهل ذا الساكن!!

الثلاثاء - 07 أغسطس 2018 - الساعة 10:31 م

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص - ارشيف الكاتب


تعاضدت الاورام والجروح والاسقام والظروف معا لتجمع بيننا.. مرضى ومرافقين منهكين في مركز اشعة الدقي بالقاهرة حاملين بأيدينا ملفات وأوراقاً من اطبائنا تتضمن نوع التحليلات والاشعة التشخيصية التي على كل منا إجراؤها في واحد من عشرات المراكز التشخيصية الحديثة المنتشرة في مختلف ارجاء القاهرة. هذا مصاب بالقلب، وذاك بالفشل، وآخر بالعمود الفقري، وذاك يعاني من ورم في المعدة أو القولون.. وهناك من يحمل على سرير، أو يدفع جالسا على مقعد مدولب بسبب اصابته برصاصة طائشة وهو جالس أو يسير، أو بطلقة مباشرة من قناص أو بفعل انفجار لغم اثناء مروره على طريق يؤدي الى حقل، أو وسط سوق أو موقع عمل، أو تعرضه للاصابة بطلق ناري أو شظايا قذيفة أو صاروخ موجه في احدى جبهات المواجهة التي اصبح عددها يفوق عدد محافظات ومدن ومراكز ومديريات وقرى وشوارع وأحياء وأزقة بلادنا اليمن. كنا صغارا وكبارا، وشيوخا وشبابا، قد تجمعنا كلٌّ ينظر في وجه الآخر متحققا من موطن قدومه.. متصافحين مبتسمين بعضنا في وجوه بعض بغض النظر عن اختلاف لهجة واسم منطقته.. من عدن أو صنعاء، شبوة أو الحديدة، صعدة أو حضرموت....الخ. فكل همنا هو السؤال عن آلام الآخر، وعن اسباب اصابته، متمنين لبعضنا الشفاء العاجل والتوفيق بكل صدق ومحبة. وربما امتد الحديث ليشمل معاناة كل واحد منا في التنقل والبحث عن طريق للوصول الى هنا..لا بل تشعب الحديث واصبح اكثر حميمية في الاستماع الى مكابدات كل واحد منا في الوطن الواحد.. تحسسنا الآلام والمعاناة المشتركة والمتطابقة.. اجمعنا على رفض مايدور في وطننا من قتل وتشريد وفناء.. لعنّا كل من اوصلنا الى ما وصلنا اليه. نسينا أو تناسينا صرخات أوجاع اجسادنا، ورحنا نحلق في سماء أخرى.. وطننا الواحد.. طوّفنا على احلامنا، امانينا، تمنياتنا بامتلاك وطن آمن مستقر خال من الضغائن والاحقاد والقتل والاستبداد، من النهب والاستعباد، من التسلط والالحاق، من الغلاء وضيق الحال، من كل شيء مضاد و منافٍ للأخلاق والتقارب والوئام. ولم ينسنا حديثنا - الذي طال وتشعب بسبب فسحة وقت الانتظار- التفكر والحديث في رقي وتكامل وانتشار مثل هذه المراكز الصحية التشخيصية، وارتفاع تكاليف ما تقدمه من خدمات، رغم ارتفاع عدد العيادات والمستشفيات الخاصة في وطننا اليمن الا انها لم تقم ولا مركزا تشخيصيا واحدا له مثل هذه الامكانات والقدرات، خصوصا وأنه قد اصبح من البديهي معرفة ان الطب هو تشخيص قبل أن يكون عيادات واطباء ومباني سكنية مستأجرة. كما لم نبخل على وزارة صحة بلادنا من نيل حظها من فورة صدقنا ومعاناتنا بسبب تراخيها وعدم إصلاح امر ما يقع تحت يدها من مستشفيات، ولم تعمل على إلزام اصحاب المستشفيات الخاصة بتجهيزها بأحدث الاجهزة التشخيصية، رحمة بنا ولتحريرنا من سطوة نهبنا وإرغامنا في آخر الأمر للذهاب خارج الوطن وبعيدا عنها، بعد أن تكون قد أخذت نصيبها من صحتنا، وأموالنا التي تذهب إلى جيوبها ظلما وعدوانا.