آخر تحديث :الثلاثاء - 16 أبريل 2024 - 01:31 ص

كتابات واقلام


الأخوان وما غفله الثائرون !!

الأربعاء - 11 يوليه 2018 - الساعة 12:52 م

محمد علي محسن
بقلم: محمد علي محسن - ارشيف الكاتب


عشر عجاف مرت على اول هتاف جريء وكاسر لرتابة الصوت الجنوبي الصادح بوجه طغيان وفساد النظام العائلي القبلي . فبرغم ان المقاومة الجنوبية ، اخذت أشكالا وانماطا وطرقا كاثرة ، عبرت فيها عن رفضها للحرب ووهم الانتصار في ٧ يوليو ٩٤م ، الا ان هتاف " ثورة ثورة يا جنوب " لم يسمع به الا عند انطلاقة الحراك الجنوبي في مارس ٢٠٠٧م . اذكر انني سمعته ولأول وهلة خلال أمسية رمضانية نظمتها جمعية المتقاعدين بالضالع ، وتحديدا حين وصلت طلائع القادمين من ردفان ويافع الى جوار مستشفى بن عباس وسط مدينة الضالع . كنت وقتها بمعية الزميلين هاجع الجحافي وعبد السلام جابر ، ولكم أدهشت حين التحم هؤلاء وأخذوا يلهجون بهتاف جديد غير مسموح به في السنوات السالفة . فعلى وقع رقصة حماسية تحول الشارع الأسفلتي الى كتلة دائرية صاخبة صادحة " ثورة ثورة يا جنوب " . ومذ تلك اللحظة انزلق الجنوبيين وقضيتهم السياسية العادلة الى مهاوي المجهول . الثائرون وهم في غمرة بحثهم عن وطن مفقود وكرامة مهدرة وحق مستباح ، غفلوا حقيقة ان الاوطان ليست مساحة تراب فقط ، وانما قبل الجغرافيا هناك مجتمعا إنسانياً يتشارك الحياة والطموح والمواطنة المتساوية والعدالة والتسامح والخير والعطاء والتضحية والتفاؤل والإنجاز وكتابة التاريخ ووووالخ . قلت حينها ، وفي سلسلة تناولات صحافية ، بان حشد الجنوبيين وعلى أساس العصبية للجغرافيا ، ربما قد يفلح في تأليب الجماهير وتثويرها وبشكل سريع وكثيف ، لكنه سيكون خطرا على الجنوبيين وعلى قضيتهم العادلة وعلى مسيرة كفاحهم . في ذينك الوقت وفيما فورة الهتاف تشق عنان السماء ، مدوية ، مرعبة ، مستفزة ، معلنة بشارة زوال النظام القبلي الأمني القمعي المتخلف ، كنت قد حذرت من مالات تطويع الجغرافيا وعلى تلك الشاكلة الخطرة البعيدة عن مضامين القضية السياسية ومحتواها العادل . للأسف البعض اخذ علي وصفي الجنوب ومقاربته ببقرة بني اسرائيل التي اختلف القوم في ماهية لونها وهل ستكون حمراء او صفراء او غامقة ؟ ودونما اكتراث في حقيقة جوهرها باعتبارها منحة وهبة وآية من ربهم ما يستوجب منهم اليقين والانتفاع بها ، بدلا من التنازع حولها . نعم ، بين الأمس واليوم ، مساحة زمنية شاسعة ، ومع كل محاولة اقتراب من الجنوب الذي كان والجنوب الذي ينبغي ان يسود ، لا اعثر الا على أصوات طافحة بالغضب والإساءة للآخر المختلف . وعلى جنوب غريب عجيب يماثل نعامة ضخمة عاجزة عن ان تكون طائرا مغردا في الفضاء او انها صارت حيوانا أليفا ونافعا فوق الثرى . اذكّر الان لعل وعسى تنفع الذكرى ، فالجنوب الذي فاتحته حظرا ومنعا وتخوينا وتكفيرا ، لا أظنه الا فقاسة من مضغة رديئة موبوءة بالاستبداد والاحتقار والتبعية والإقصاء . وعلى الجنوبيين الا تؤخذهم الحماسة الزائدة بعيدا عن واقعهم ، فنحن في بلاد يدعي أهلها انها جمهورية وديمقراطية وتعددية وليست مملكة او إمارة او سلطنة وراثية سلالية . وعليه اعد الاخوان شريكا سياسيا مهما ومؤثرا وفي اي تسوية تاريخية مستقبلية سواء في الجنوب او اليمن عموما . فالاخوان وان اختلفنا معهم فكريا وسياسيا ، يبقون في المحصلة كيانا سياسيا ومجتمعيا له وزنه وتأثيره ، ما يستوجب منا التعاطي مع هكذا واقع بشيء من الحكمة والتروي والإنصاف ، لا بنوع من الشطط والمكابرة والعناد . محمد علي محسن