آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 01:21 ص

كتابات واقلام


حديث بين الشرعية و حكومة الشرعية

السبت - 27 يناير 2018 - الساعة 02:47 ص

نزار أنور
بقلم: نزار أنور - ارشيف الكاتب


كان من الضروري أن أجد نفسي أكتب هذه السطور و بكل تجرد و حيادية و بعيدا كل البعد عن التملق أو الإنحياز لأحد أطراف الصراع على السلطة و لعلي أصفهم كذلك لأن المشهد الحالي في عدن يتحدث هكذا و يقر عمليا بوجود سلطتين متنازعتين و ذلك أمر بالتأكيد انعكس سلبا على الحياة في هذه المدينة بكل تفاصيلها. و بالعودة إلى عنوان المقال فإنني و من خلال متابعتي لآراء الكثيرين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها و كذلك بتنوع ذلك الطيف و مشاربه و مذاهبه السياسية رأيت عدم فهم و إدراك لمفهوم مهم جدا يتناوله الجميع هذه الأيام بشكل دائم و مستمر دون وعي حقيقي لذلك المفهوم بغض النظر عن توظيفهم له سواء في كتاباتهم و منشوراتهم أو تعليقاتهم ذلك المصطلح أو المفهوم هو ((الشرعية)) و الخلط بينه و بين مفهوم آخر و هو ((حكومة الشرعية)) و بين كلا المفهومين أبعاد سياسية كبيرة خاصة في المشهد السياسي الذي شهدته هذه البلاد سواء ذاك الذي ارتبط بأحدث ثورة فبراير من العام 2011م أو ما نتج و أفرزته حرب 2015م . ما المقصود بهذا الكلام ؟ للإجابة على هذا السؤال سيضطرنا الأمر بالعودة قليلا إلى الوراء للتوضيح و بالذات بعد توقيع المبادرة الخليجية و إعلان نقل السلطة سلميا كما سمي وقتها إلى نائب رئيس الجمهورية و الذي أصبح فيما بعد رئيسا للجمهورية بانتخابات توافقية ثم الإعتراف و الإقرار بنتائجها من جميع الأطراف المحلية و الدولية و ذلك وفقا للمبادرة الخليجية و آليتها التنفيذية كما أطلق عليها و ثم الإتفاق أيضا على تشكيل حكومة جديدة سميت بعد تشكيلها حكومة وحدة وطنية بما يعني تجسيدا لشراكة وطنية بين الأطراف السياسية لذلك الصراع حينها و التي كان يجسدها المؤتمر الشعبي العام و حلفائه و اللقاء المشترك و شركائه و كانت قائمة على مبدأ المحاصصة الحزبية ما بين تلك الأحزاب كلا وفق حجمه و ثأثيره آنذاك و هي ما عرفت بعد ذلك بحكومة باسندوة نسبة إلى رئيسها الأستاذ / محمد سالم باسندوة . و ظلت تلك الحكومة تحت مظلة الشرعية على الرغم من عدم إنبثاقها عن انتخابات شعبية كما هو الحال الذي تتمتع به بقية الحكومات في مختلف دول العالم و ذلك بسبب الأوضاع التي عصفت بالبلاد و أنتجتها في ذلك الحين ، إلا أن الداخل والخارج تعامل معها أسوة ببقية الحكومات السابقة لها و ذلك لما أكتسبته تلك الحكومة من شرعية امتداد لشرعية ذلك الرئيس الذي حصل على شرعيته من التوقيع على المبادرة الخليجية و عمدتها انتخابات رئاسية كان فيها هو المرشح الوحيد و المتفق عليه من جميع تلك الأطراف الموقعة على تلك المبادرة و صوت له الشعب و منحه ذلك الحق . و لربما من يقرأ في تفاصيل كثير من الأنظمة السياسية و أشكالها المختلفة و بالذات تلك الدول التي يكون فيها نظام الحكم هو جمهوري فإنه سيجد أن الرئيس الجمهوري يتمتع في العديد من تلك الأنظمة بحق سحب الثقة عن الحكومة و تشكيل حكومة جديدة و البعض من تلك الأنظمة يعطي ذلك الحق أو تلك الصلاحيات إلى مجلس الشعب أو مجلس النواب كما كان يطلق عليه هنا إلا أن ذلك المجلس صار عمليا بعد التوقيع على المبادرة الخليجية لا يتمتع بذلك الحق لأنها عطلت العمل به وقتها كما أن الأحداث التي تبعت مخرجات ما سمي بالحوار الوطني الشامل أيضا قد ألغت عمله تماما ناهيك عن أن الفترة القانونية لآخر انتخابات نيابية ربما هي اليوم تقارب الوصول إلى 12 عاما دون أن تكون هناك انتخابات تجدد الثقة بهذا المجلس و تجسد شرعيته الحقيقية الذي يستمدها من اختيار الشعب له كل تلك الأمور و غيرها تجعل من وجود ذلك المجلس اليوم ما هو إلا ديكور فقط لمؤسسة قد أفرغت تماما خلال أعوام الصراع التي مرت من شرعيتها القانونية . إذا ماذا نريد القول من كل ما تقدم ذكره ؟ نخلص من كل ذلك الشرح و التوضيح إلى وجود حقيقتين هامتين إحداهما يمكننا القول عنها بأنها ثابتة إلى أن نصل إلى نهاية تلك المرحلة الانتقالية التي حددتها تلك المبادرة و أقرت بشرعيتها تلك القرارات الأممية و صادقت عليها الدول الأعضاء لجمعية الأمم المتحدة و التي تنتهي شرعيتها بالوصول إلى انتخابات رئاسية جديدة بعد الوصول أولا إلى إتفاق نهائي للسلام من خلال حوار يفضي إليه و من ثم الإتفاق على شكل الدولة و الاستفتاء على دستورها ، و تلك ما يمكننا أن نطلق عليها مسمى (( الشرعية)) مجردا أو مسمى ((شرعية الرئيس هادي)) . الحقيقة الأخرى و هي متغيرة و قد شهدت خلال الفترة الماضية تغيرات عدة كان صاحب القرار الأول فيها هو شخص الرئيس هادي وحده و هذه ما يمكننا ان نسميها ((بشرعية الحكومة المعينة من الرئيس)) أو ما تسمى اليوم ((بحكومة الشرعية)) و هنا يكمن الفرق بينهما إذ لا يمكننا أن نطلق عليها صفة ((الشرعية)) مجردة دون أن يسبقها صفتها المتغيرة بتغير أوضاع البلاد و مراحل الصراع و النزاع الذي مر و يمر به و هي كلمة ((الحكومة)) ، و لعل ذلك الخلط بين هذين الأمرين و المفهومين قد يقود البعض بل الكثير من المتابعين و القراء للمشهد السياسي إلى أما تصوير الأمور بغير صورتها الطبيعية و تهويلها أو حرف مسارات الدعوات المطالبة بتغيير الحكومة إلى غير معانيها و أهدافها الحقيقية و الواضحة و تصويرها بأنها استهداف لشخص الرئيس هادي نفسه أو لشرعيته و ذلك أمر فيه الكثير من المغالطات و قد يقود بقصد أو دون قصد إلى ما تريد بعض الأطراف الإستفادة منه سواء تلك المدافعة عن بقائها أو الساعية إلى الوصول إلى السلطة ، لذلك كان من الضروري كما أشرنا في بداية حديثنا عن الموضوع إلى تبيان هذه الأمور و توضيحها بالصورة التي نراها نحن أقرب إلى الحقيقة من تلك الادعاءات حتى لا ينجر القارئ لها نحو ما لا يحمد عقباه أو إلى الإندفاع لارتكاب الحماقات أيا كان مرتكبيها و دوافعهم .