آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:32 ص

كتابات واقلام


الف مبروك (ابنتي )..يا صفحة في سفر كتاب معاناتي

الأحد - 24 سبتمبر 2017 - الساعة 03:12 م

يحيى غالب الشعيبي
بقلم: يحيى غالب الشعيبي - ارشيف الكاتب


كان ميلاد ابنتي "هائلة" في 23 يوليو 1994م يوليو الاسود الحزين كانت والدتها بين الحياة والموت تعاني حصار الماء والغذاء والدواء وفتكت بها امراض عديدة وهي بايامها الاخيرة من الشهر التاسع ..فوهبنا الله هائلة وحكاية ولادتها حكاية محزنة جدا فتم احتلال بيتنا وتم نهب كل محتوياته ولم تجد الأم وجنينها ببطنها (هائلة)تخوض صراع الخروج الى الدنيا..لم تجد الأم ملاذ الا سيارة جارنا الوفي واسرته (المهندس كمال مصطفى)كانت سيارة جارنا غرفة ولادة ومخاض خروج هائلة الى النور وتم اسعاف والدتها الى مستشفى كريتر وبين كل نقطة عسكرية خمس نقاط اخرى ودبابات ومظاهر الة احتلال عسكري إرهابي للجنوب...كانت هائلة بشرى سارة بيوم أسود وبشرى اعاد الله الحياة لوالدتها التي كاد حصار الحرب والصيف القائض يفتك بها.. رافقتني هائلة منذ يوليو الاسود وحتى اليوم بكل محطات حياتي التعيسة مرارة الدهر ومرارة القهر السياسي والفقر والخوف وكل اصناف العذاب النفسي الذي منحنا الله طاقة الصبر والثبات وروح المقاومة.. هائلة مثلها مثل اخوانها والاسرة جميعا لهم موقف لايختلف عن موقفي الثائر بدون تعبئة اوتحريض من قبلي مطلقا...هداهم الله جميعا ان يكونوا سند وعون لي ومستعدين للتضحية والموت لاجل قضية الجنوب . كانت محطة اعتقالي ومداهمة المنزل ليلا في عدن عام 2008م واقتيادي بالقوة وترحيلي مع رفاقي سجن صنعاء كانت محطة صعبة كنت افكر كثيرا بتأثيراتها النفسية على الاسرة واشعر بندم انني سببت لهم معاناه واعاقب نفسي ونا بالسجن واشعر بخجل واستحياء ناحية الاسرة جميعا.. ذات يوم وانا بسجن صنعاء فتح السجان الزنزانة صباحا قائلا : اطلع لديك زيارة وربط عيوني كعادته وكبلني بالسلاسل واقتادني من تحت الارض الى اعلى طابق لأجد امامي يزورني الدكتور عيدروس نصر ناصر النقيب الذي كان له ورفاقه بالحزب الاشتراكي موقف تاريخي معنا صراحة وعندما تمعن وشاهد صورتي شعرت انه تأثر لملامحي والقيود بمعاصمي ...المهم اول طلب طلبت من عيدروس يعطينا تلفونه لاتصل بالاسرة فدخل بجدل مع العساكر حتى اقنعهم السماح لي بالاتصال وفعلا اتصلت الى عدن وكانت على الخط بالصدفة البنت هائلة قالت ابي حبيبي كيف حالك وهي تضحك بحنية قلت لها كيف انتم قالت تمااام اسمع يا ابه انتبه تخذلني قلت لها كيف قالت لي طلب منك ياابه قلت لها تفضلي قالت خليك شامخ شامخ ارجوك ارفع رؤوسنا خليك يحي غالب الذي عرفوك الناس شجاع انتبه تكسرنا وتخذلنا ...قلت لها انا بسجن صنعاء قالت ايوه ايوه عندنا خبر ....اسمع يا أبه تطمن محمد قام بالواجب وفتح الرسالة التي دبستها وقلت لأمي تعطيها محمد يفتحها في حالة أي مكروه يحصل..((طبعا كانت رسالة مدبسة مظرفة لدى ام محمد مكتوب فيها في حال حصل لي أي مكروه يتم اشعار الجهات الاتية في عدن هشام باشراحيل وعيدروس باحشوان وعلي منصر وواعد باذيب وفي صنعاء د.ياسين سعيد نعمان عبر محمد غالب وفي الضالع شلال وقاسم صالح ناجي وفي ردفان الخبجي وفي الخارج الدكتور عبدالله احمد بن احمد وعبده النقيب ولطفي شطاره قيادة تاج حينها) المهم رجعت الزنزانة مبسوووط وأول مرة انام نوم عميق ...وكانت كلمات ابنتي هائلة ترن بذهني... شاركتني هائله محطة التشرد القسري في ريف الشعيب بعد خروجي من السجن لتدرس الثانوية وتشاركني معاناتي تعبت هائلة واخواتها واخوانها من حياة الريف ولكنها الظروف تفرض نفسها4سنوات عجاف كانت دورة كاملة لهائله واخوانها واخواتها دورة للفولذة وتعلم الصبر والثبات. هائلة عصامية قوية الارادة شجاعة لاتعرف المزح ذات مره كانت الظروف صعبه جدا جدا في البيت اثناء التشرد بالشعيب قلت في حضورها ووالدتها قلت مافيش مخرج نحسن ظروفنا المادية إلا نفتح تواصل مع علي عبدالله صالح فكان ردهن مجلجل ومزلزل بوجهي (بلهجة الشعيب كيف كيف جعل ههجمك وكشفك لا تفضحنا قدام الشعيب والجنوب واحرقتني ام محمد بكلمة قالت حتى الحرمة الامراءة لو لطمها وضربها زوجها وقده ابو عيالها تخلعه وترفضه وانت دعسكم علي عبدالله وترجعوا عنده ياعاراه عليك )قلت لهن اضحك وامزح معاكن قالين آخر مرة وأول مره نسمع هذا الكلام منك ...ا نعود الى,موضوع ابنتي هائله انتقدتني ذات يوم وهي تساعدني في طباعة على الكمبيوتر ورقة عمل بشأن التصالح والتسامح الجنوبي فقالت ياوالد ليش كل مرة تتصالحوا وتتسامحوا ايش قصتكم فشرحت لها ومبررات لم تقتنع قالت صراحة نحن مالنا دخل ولا نعلم شي كلنا بالمدرسة والحي السكني اخوات وزملاء من كل الجنوب ولانسأل على ماتقولوه قلت لها نوجه رسائل لعلي عبدالله صالح ضحكت قالت شي معاكم قوة تدقه علي عبد الله اما الرسائل مايقرأها... تناقشنا بعد اكمالها دراسة الثانوية قلت لها يابنتي ايش رايك تدخلي كلية الحقوق معي مكتبه وكتب ومراجع قانونية قالت من شان ايش ؟قلت لها باتكوني محامية شخصيتك قويه ومهنة المحاماة حصانة لك من اي تعسف ضحكت قالت ياابه انت طيب تنسى نفسك احيانا قد ربطوك وسحبوك واخذوك من البيت بالقوة وسجنوك وعذبوك وانت محامي وعمنا علي هيثم الغريب محامي وسجنوكم وقالت اني اصبحت اكره المحاماة...وفعلا التحقت هائلة برغبتها العلمية بتخصص بزنس انجلش كلية التربية على حسابي الخاص حيث لم يسمح لها بالدراسة المجانية مثل بقية الطلاب لأن ابوها انفصالي ورغم صعوبة الظروف وفقنا الله بدعمها وهاهي اليوم تخرجت بشهادة بكلاريوس بظروف عصيبة لكنها ظروف افضل بكثير من ظروف ميلادها. الحمدالله..وفاجأتني وهي تلقي كلمة نيابة عن زملائها الخريجين وتتربع منصة التتويج العلمي الف مبروك يا هائلة ياصفحة في سفر معاناتي.