آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:32 ص

كتابات واقلام


ثلاث وخــزات

الإثنين - 15 مايو 2017 - الساعة 05:32 م

صلاح السقلدي
بقلم: صلاح السقلدي - ارشيف الكاتب


1- قال وزير الإعلام اليمني السابق علي العمراني : (الحوثي والحراك والقاعدة مثلث الشر باليمن)!. هذه ليست المرة الأولى التي يصف فيها العمراني الحراك الجنوبي بالشرير ,وهي أيضا ليست المرة الأولى التي يضع فيها الحراك الجنوبي في مربع الإرهاب مع (القاعدة), وفي مربع أعدائه الذين يقاتلهم (الحوثيين). وبالتالي لا يمكن فهم هذا الوصف المتطرف من العمراني إلا أنه إباحة واضحة للدم الجنوبي قالها على رؤوس الأشهاد, وفتوى جديدة من فتأوي القتل تضاف إلى ملف فتأوي حرب 94م وما بعدها. فحين يضع العمراني( وغير العمراني هم كُـثر ممن ينظرون للحراك الجنوبي بهذه النظرة العدائية) الحراك الجنوبي بدائرة الحوثيين الذين يقاتلهم العمراني فهذا يعني بالضرورة أن الحراك الجنوبي في نفس هذه الدائرة القتالية في نظر العمراني, أي أن هذا الحراك هو عدو وجب قتاله كقتال قوات الحوثيين وصالح. وحين يصنف العمراني تنظيم القاعدة بأنه تنظيما إرهابيا -وهو فعلا كذلك- ويقول أنه يقاتل هذا التنظيم , ثم يصنّف الحراك الجنوبي بذات التصنيف الإرهابي, فهذا يعني بالضرورة أيضا أن الحراك الجنوبي يجب قتله وقتاله كحراك إرهابي. بقي التذكير أن العمراني قد شغل منصب وزير, و أي وزير؟ وزير إعلام.!!!! . هنا لا بد من موسيقى تصويره شديدة الإيقاع. 2- كثير من الأصوات الجنوبية -والشمالية أيضا - ظلت إلى قبل يوم 4مايو الجاري تلوم الثورة الجنوبية ( الحراك الجنوبي) وتنتقده بأشد عبارات الانتقاد على عدم توافقها على قيادة ومظلمة جنوبية واحدة تمثّــل الجنوب بالداخل والخارج. ومع هؤلاء الناقدون حقاً في ذلك. ولكن بعضهم أتضح أنه لم يكن يطلق ذلك النقد إلا على سبيل التشهير والتشنيع بالجنوب وإظهار على أنه شعب غوغاء, منفلت من عقاله لا يمكن أن تتفق قواه السياسية والثورية يوما ما. فمجرد أن تم اتخاذ أول خطوة لحل هذه المشكلة (أي مشكلة غياب قيادة جنوبية موحدة) يوم 4مايو الجاري واتفقت كثير من شخصيات ومكونات الحراك الجنوبي والثورة الجنوبية ومقاومتها وغيرها من الشخصيات المستقلة والاجتماعية على تشكيل قيادة جنوبية من مختلف المناطق ومن معظم التخصصات والانتماءات السياسية والاجتماعية والفكرية تحت اسم المجلس الانتقالي الجنوبي, تملّـك هؤلاء البعض حالة من الصرع وانتابتهم نوبة هستيريا فظيعة من أول لحظة, بل من أول دقيقة سمعوا بها عن تشكل ذلك المجلس( المجلس الانتقالي) ومن قبل حتى أن يعرفوا الشخصيات التي سيضمها هذا المجلس. وهنا سقطت أقنعة مخادعة. ولكن للتوضيح وللإنصاف يجب التنويه إلى أن هناك شخصيات ومكونات جنوبية حراكية ثورية مقاومة تحفظت على تشكيل هذا المجلس من منطلق حرصها على الجنوب وتخوفاتها وريبتها من مكر الشرعية وخدعها ,بعد أن انخرطت معها شخصيات حراكية كبيرة وتناهت مع مشروعها -مشروع الستة الأقاليم. وهذه التخوفات التي تولدت من فقدان الثقة بالشرعية لها ما يبررها إلى حد كبير, ويجب أن يتفهم لها الكل خصوصا أنها تخوفات أتت من واقع تجربة العامين الماضيين الذين أوشكت فيهما شرعية حزب الإصلاح وهادي على ابتلاع الثورة الجنوبية ومسخ قضيته بواسطة نافذة المشاركة الحراكية بمناصب تم تعيين أصحابها بقرارات جمهورية من سلطة ما فتاء معظم الجنوبيون يصفونها بدولة احتلال. وبالتالي لا بد من التفريق بين مَــن عارضوا تشكيل هذا المجلس من منطلق الحرص والتخوف على مستقبل الجنوب من هذه الشرعية ومشروعها التآمري المخادع, وبين مَــن عارضوا ذلك من منطلق الخصومة للجنوب والخوف على مناصبهم ومكاسبهم المالية والمادية التي يتكسبون منها من هذه الشرعية أو كما يحلو للبعض بتسميتها بشرعية الفنادق. وهنا لا بد من الإشارة إلى أمرين مهمين : أولاً: أن هذا المجلس (المجلس الانتقالي الجنوبي) لا يمثل كل الجنوبيين, هذا صحيح,ولكنه يمثل القطاع الأوسع فيه, وهو المتاح في ظروف معقدة وخطيرة كهذه, وإن لم يكن الأمر كذلك لشاهدنا المعارضين له وقد حشدوا حشودهم في ذات الساحة, وقلبوا لوحة 4مايو رأسا على عقب. ومع ذلك لا بد من الاستماع لهؤلاء, بعيدا عن الزهو الخيلاء التي يظهر بها البعض وإلا سنعود إدراجنا إلى مراحل الإقصاء والتشتت التي عانينا منها عقود كثيرة. ثانيا: أن الذين يرون في هذا المجلس عمل عبثي كما يقولون فليس إمامهم إلا أن يأتوا بما هو أفضل منه, والجميع سيقف خلفهم,أو يقبلون به مبدأي ويضعون تحفظاتهم, لتطويره وتعديل ما يمكن تعديله والجميع وعلى رأسهم أعضاء هذا المجلس ملزمون يصغون لهم ويتجاوبون معهم ومع تحفظاتهم بشرط أن يكون الانتصار للجنوب وقضيته السياسية الوطنية هو مركز الحوار. أما إذا انتظرنا إلى أن نكون جميعنا على كلمة واحدة موحدة وحيدة, وأن نشكل قيادة تحظى بإجماع شعبي ونخبوي بنسبة 100% فهذا هو المستحيل والجنون والسخُف بأوضح صوره. 3- كان أمراً متوقعا أن تطلب سلطة الشرعية التابعة لحزب الإصلاح والرئيس عبدربه منصور هادي من المسئولين الجنوبيين (الوزراء والمحافظين) الذين وردت أسمائهم بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي اعتبرته هذه السلطة مجلس انفصالي متمردا عليها وعلى شرعيتها, ودعتهم لترك هذا المجلس.فأية سلطة أخرى في مكانها كانت ستطلب منهم الشيء نفسه وستخيرهم بين البقاء بمناصبهم وبين العزل. وهذا ما فعلته هذه السلطة أي سلطة هادي والإصلاح, فهي سلطة الجمهورية اليمنية الحريصة على وحدتها. وعلى إثر هذا وجد هؤلاء المسئولون الجنوبيون أنفسهم في المحك . وحتى الآن ما زال أغلبهم على مواقفهم بالبقاء بعضوية المجلس, عدا واحدا منهم أو اثنان هما تقريباً هما من فضّلا الانحياز لمصالحهم الشخصية بدلا من الانحياز للقضية الجنوبية. فالمرء حيث يضع نفسه. * قفله: التضحية نوعان : مَـن يضحي لأجلك ومن يضحي بك.