آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 09:43 م

كتابات واقلام


المخرج يشتي كذا ..!

الإثنين - 16 يناير 2017 - الساعة 04:51 م

محمد كليب أحمد
بقلم: محمد كليب أحمد - ارشيف الكاتب


الأحداث الغريبة والغير مفهومة والتي باتت وكأنها طلاسم لا يستطيع فك حروزها حتى الضالعون في علم الفلك ، والتي تحدث أمام ناظرينا بأسلوب مستفز ومقزز وكأنها فرض علينا ، أو حكم جبروت وطاغية ظالم قد أصمـَّـتْ أذناه كبرياء العظمة وأفقدته حتى التفكير بعواقب الأمور !     ومن أمثلة تلك الأحداث هي الحال المتردي لوضعية كهرباء عدن منذ تحريرها وتحويلها إلى عاصمة مؤقتة وحتى اليوم ، هذه الوضعية المزرية التي عجز المفسرون عن سبب تدهورها المتواصل وصعوبة إيجاد الحلول الجذرية والعاجلة لهذه المعضلة ، وهذه الحاجة المهمة جداً في حياة المواطن اليومية في ظل الظروف المناخية والطقس الملتهب الذي يشوي الأجساد ويحرق العقول والآمال .      وعندما لا يجد أحد الإجابة لهذا السؤال – المعجزة – يبادر بلصق الإجابة الساخرة التي يتداولها الجميع : - ( المخرج يشتي كذا ) !!     المسألة الحيوية الأخرى هي معاشات العمال والمتقاعدين الذين يلهثون خلفه لعددٍ من الأشهر حتى أصبح من أماني الخيال التي يتداولها أولئك البسطاء وهم يتباكون في مرافقهم أو أمام بوابات مكاتب البريد وكأنها من أماني العمر الذي يبتهلون ليل نهار للحصول عليها .. والإجابة بالطبع تأتيك من خلف كواليس مكاتب البريد مكررة مقززة : ( المخرج يشتي كذا ) .   أما المرافق الحيوية والمنشآءات الاقتصادية في عدن تحديداً "حـَـدِّث ولا حـَرَج " .. فقد تهاوت حتى أصبحتْ أنقاض عروش وممالك سادت ثم بادت وآخرها ( مصافي عدن ) ، هذا الصرح الاقتصادي الهام والحيوي الذي أصبح ذلك ( المخرج ) يلعب به كيفما شاء ، ويناور بأهميته والدعم الوهمي بالنفط الخام ورواتب عماله الضائعة متى شاء ، ويستخدمه لإذلال طبقة واسعة - من العمال – الذي يتباكون على ماضيهم الجميل وعطاءاتهم اللا محدودة لخدمة هذا الوطن ومواطنيه وحتى قادته الأولين والآخرين ، وأصبحوا بدون معاشات يشحتونها شهرياً ، ناهيك عن أكثر من رواتب خمسة أشهر مضت لم يستلمونها ويتخبطون بين مطرقة الديون وسندان اليأس الذي يلاحقهم كل يوم ..     وتجد ( المخرج الذي يشتي كذا ) في صدارة الإجابات التي تصفعهم كلما أقاموا إضراباً للمطالبة بمستحقاتهم تلك ..       أما الأهم من كل ذلك فهو الجانب الأمني للمحافظة ، وقضية لملمة المقاتلين وأبطال المقاومة والطبقة العريضة من الشباب المسلح في عدن تحت لواء الدولة بشكل منظم ومدروس يزيد من قوة القيادة الأمنية والعسكرية للدولة ويساهم في حسم الفوضى الأمنية – أو ماتبقى منها – والتي كانت تحدث هنا أو هناك . وكذا تعزيز وترسيخ قواعد الدولة وسطوتها على مناطق نفوذها في فرض دولة النظام والقانون التي يدعي (المخرج ) بأنه يعمل في سبيلها .. والسؤال هنا : أما آن لهذا المخرج القدير أن تندى جبينه خجلاً للأحوال المتردية وبشكل واضح يخجل منها الجميع ويأسف عليها الصغير قبل الكبير ؟!   وإذا كان هذا المخرج " المبجـَّـل " يستمتع بهذه التراجيديا الهزلية المؤسفة طوال الفترة الماضية ، ألا يستطيع الإفصاح عن موعد إنزال الستار ، أو كتابة الفصل الختامي لها بأسلوب يحترم فيه مشاعر الناس البائسة والمنهكة ولو حتى بمقطع من أوبرا السلام والأمل لوطنٍ لم يعرف طعم الاستقرار منذ سنوات ؟   أيها المخرج الكريم : إذا كنت تريد أنت هكذا .. فنحن لا نريد كذلك ، ولم نعد نحتمل الإذلال والصمت في مسرحكم الهزلي المظلم هذا ... فارحمونا يرحمكم الله !