آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 10:32 م

ثقافة وأدب


الإعلامي الرائد أحمد عمر بن سلمان ودوره المتميز في إذاعة عدن(3)

الأربعاء - 24 أبريل 2019 - 12:44 م بتوقيت عدن

الإعلامي الرائد أحمد عمر بن سلمان ودوره المتميز في إذاعة عدن(3)

أ.د.علي صالح الخلاقي

فترة الدراسة والعمل في مصر:

تم ايفاد كثيرين من خريجي المدرسة الوسطى بالغيل للدراسة في مصر وفي غيرها من الدول العربية لمواصلة دراساتهم الثانوية والجامعية والعليا، وقد بلغ عددهم من خريجي مختلف الدفعات(167مبعوثا)، وبعد عودتهم تبوأ عدد كبير منهم مراكز مهمة في مؤسسات الدولة قبل وبعد الاستقلال وتركوا بصماتهم الواضحة في تاريخنا المعاصر، ومازال بعضهم حاضراً حتى اليوم في المشهد السياسي والثقافي والأدبي على مستوى البلد كله.
ويتربع بن سلمان في المقام الأعلى، مع كبار القدر والتجربة والتأثير. وقد تميز عن أقرانه بالهدوء والذكاء، وكان نصيبه بعد تخرجه بتفوق من المدرسة الوسطى السفر إلى مصر للدراسة، ومن زملاء دفعته ممن درسوا في مصر أيضا الدكتور عمر سعيد بارحيم، والدكتور صالح عبدالملك بن همام، وهم رفاق دراسته، كما قال.
التحق بن سلمان في ثانوية حلوان، وكان يدرُس فيها مجموعة موفدين من عدة دول عربية، وفيها أكمل دراسته وحاز على شهادة الثانوية العامة بنجاح وبنسبة عالية في المعدل العام، أهَّله لأن يلتحق بأحسن كلية في مصر لدراسة الطب في جامعة الملك فؤاد(جامعة القاهرة حالياً).
وفي المرحلة الجامعية بدأت مرحلة جديدة في حياة الشاب النجيب أحمد عمر بن سلمان، فقد كانت الحياة في مصر مغايرة سياسياً وفكرياً واجتماعيا عن ما ألفه الفتى في مدينته غيل باوزير، ولا شك أنها فتحت آفاقه على عالم جديد، وعلى عوالم ثقافية، وعلى معارف علمية حديثة، أخذت لبه واهتمامه.
اختار التخصص في الطب لرغبته وقناعته ولاهتماماته العلمية، وبارك له والده الفلاح الفقير هذا الاختيار، بل وكان يتطلع بشوق إلى اليوم الذي يرى فيه ابنه، بعد إكمال دراسته، طبيباً يُشار إليه بالبنان, وهو يعالج المرضى ويخفف من معاناتهم، لثقته العالية بقدرات ابنه التي كانت تعزز من أمله هذا، وانكب هو من جانبه على دراسة الطب، لا يألو جهداً ولا يدخر وقتاً في سبيل إكمال تخصصه بتفوق ونجاح والعودة لخدمة أهله ووطنه. ولكن شاءت الأقدار أن تعترض طريقه، ولم تتح له الاستمرار حتى نهاية المشوار، فقد صُدم عام 1956م بوفاة والده وهو بعيد عنه، وهو الذي كان ينتظر عودته طبيباً ناجحاً على أحر من الجمر ليشاركه الفرحة ويفخر به بين أهل مدينة الغيل. لكن هذا المصاب الجلل أثَّر على نفسيته وعرضه لضائقة مادية، وتوقف عن إكمال دراسة الطب، رغم أنه قد أكمل السنة الثالثة بتفوق.
وهكذا زلزل هذا الحادث المؤلم والمأساوي كيانه، وأصاب أسرته في بلدته غيل باوزير بمقتل، بفقدانها لمعيلها الوحيد والداعم لابنه الوحيد طالب الطب في القاهرة، فاضطره ذلك إلى قطع دراسته للطب، وفقد حلمه في أن يغدو طبيباً. لكنه لم يكن من أولئك الذين يستسلمون بسهولة في منعطفات الحياة. يقول عن معاناته:«صُدمت صراحة حين بلغني نبأ وفاة والدي، وأنا بعيد عنه.. صدمت كثيراً.. كرهت الدنيا....لكن هذا أمر الله.. وتغيرت حياتي من بعد موت والدي وتوقفت عن الدراسة. لكن كان يجب عليَّ أن أواصل الحياة بأي طريقة».
وأخذ يتجاوز هذه المحنة بالبحث عن عمل مناسب، وحالفه الحظ أن عمل مباشرة موظفاً ومترجما في إدارة الدراسات اليمنية في القاهرة التي كان يديرها القاضي أحمد الهيثمي في(الدقي)، ثم انتقل بعد فترة للعمل في سفارة المملكة المتوكلية اليمنية في القاهرة وكان على رأسها في ذلك الوقت السيد أحمد المطاع، مع استمراره في تدريس اللغة الإنجليزية في مدارس خاصه، وكان يحصل على مكافآت طيبة، مكنته أن يعيل شقيقتيه ويتدبر نفقاته. ومع ذلك ظل شوقه جارفا للعودة لأهله ووطنه، وكان يتحين الفرصة المناسبة لذلك.

يتبع غدا....