آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 01:21 ص

قضايا


المصفاة والغاز والمتلاعبون

الأربعاء - 20 فبراير 2019 - 06:52 م بتوقيت عدن

 المصفاة والغاز والمتلاعبون

كتب / عبدالجبار ثابت الشهابي

لماذا يعمل البعض على تخريب ما بقي من صروح الاقتصاد في المحافظات الجنوبية؟ ألا يكفي ما تم نهبه، وتدميره خلال صرعة الخصخصة التي تبناها النظام الفاسد، البائد في عقد التسعينات من القرن العشرين المنصرم؟ ألا يكفي ما أنتجت تلك العملية الإجرامية، في تلك الحقبة الزمنية؛ من تخريب اقتصادي، وهدم اجتماعي، وحرق نفسي، وتشتيت أسري؟!

لماذا يعمل البعض اليوم على تكريس السير في هذا التوجه المظلم، الهدام في بعض المرتفعات الاقتصادية، ومنها مصفاة الزيت بعدن الصغرى، وذلك من خلال مواصلة هذه المسيرة الكارثية؟ لماذا الاستمرار في توفير مسوغاتها، من خلال ما يحصل من الإمعان في إفشال هذه المنشأة العريقة، والإساءة المتواصلة إلى دورها، وسمعتها، وإلى قدرات كفاءاتها؟

ألا يكفي ما تم من بيع لبواخزها، ووسائل نقلها البحرية، وما تم من تفريط في خزانات الوقود والزيوت التابعة لها؟ لماذا لا يتم تفعيل العمل في هذه المنشأة؟ لماذا لا يتم إعادة الروح، وبث النشاط على كل صعدها، ومنها الغاز المنزلي الذي تقوم (المصفاة) بكل جلال قدرها وقدرتها بالاكتفاء بتعبئته دون انتظام، وبالاستيراد الجاهز من منشآت محافظة مارب، وهو ما يؤدي كما نلاحظ إلى الاضطراب في عملية التموين، بل وخلق الاختناقات الشديدة في هذا الشأن، وحشر المواطنين في مراكز البيع كالوحوش المتآكلة.. الكبير يدوس على الصغير، والقوي يقصي الضعيف.. لماذا لا يتم على الأقل توفير حاجة الناس من الغاز بعقلانية، والعمل على تشغيل المصفاة بطاقتها المعروفة، وتجاوز ما يقف أمامها من الصعاب والمعوقات، ومطالبة الدولة، وقيادة التحالف العربي بتذليل ما صعب من المعوقات، وتوفير الخامات، والمعدات لهذه المصفاة العريقة؟
لقد بلغت المعاناة ذروتها في هذه المنشأة، وأرهقت حياة الناس ومعيشتهم، وهي مثلها مثل ما بقي من المنشآت العاملة في العاصمة المؤقتة عدن، والتي سلمت إلى حد ما من جرب الخصخصة، فالأعمال شبه متوقفة في كثير من تخصصاتها، حتى الغاز المنزلي؛ إذا جاء من مارب إلى خزاناتها، وقدمت القاطرات، والسيارات لتعبئته؛ فإنه يتم إهراق وإضاعة معظمه في خارج الاسطوانات المنزلية، وعلى حساب المواطن والمصفاة، بدعوى أن التاجر (المستلم) لم يفتح اسطواناته على نحو صحيح، وكامل، فيما تاتى أعداد كثيرة من الاسطوانات خاربة الرأس (تسرب) دون أن يكلف المختصون بالهندسة أنفسهم مسبقا بالمفاقدة، وعملية الإصلاح لهذه الاسطوانات، وبما يؤدي إلى حفظ: أموال، وأرواح، ومنازل المواطنين المشتركين في هذه الخدمة.
وإذا كنا قد ركزنا في هذا الحيز على المصفاة، والغاز المنزلي الذي تنتجه، فإنما نعني أهمية هذا المنتوج، وجلال هذه المنشأة، كصرح، ومرتفع اقتصادي اضعفته الظروف، ويأمل الناس هنا بالرقي به، وعودته إلى سابق عهده يوم كانت شعلة مصفاة البريقة لا تنطقئ، فيما يراد من جهة أخرى هدمه على أيدي المفرطين من كوادره وإدارته، ولاسيما في هذا الظرف الشديد اقتصاديا، واجتماعيا، ومعيشيا، وخصوصا أن رائحة الفساد قد زادت، واتسعت، وارتفعت الشكوى على سبيل المثال من تجار الغاز الذين يطالبون (بفتح اللام) بحق الباطل، والكلام العاطل، وما ينشط عزيمة المخادع والمماطل!!
لقد اشتدت مشكلة الغاز القادمة من المصفاة بمشاكلها، وعقدها، فيما تبيع محطات البيع الخاصة الغاز بأكثر من سعر الضعف، وأكثر من نصفه مجرد هواء يطير هدرا، فلا تكفي الاسطوانة للبيت الصغير أكثر من أسبوع، بعد أن كانت هذه المحطات ملجأ للتخفيف من العجز في انتاج المصفاة، وبعد ان كانت عبوتهم تكفي لحاجة البيت المتوسط لما يقارب الشهر ونصف الشهر، فصار حال المواطن لذلك بين مطرقة ضياع المصفاة، والتآمر عليها، وسندان لصوصية محطات البيع الخاصة..

لقد بحت الأصوات منذ سنوات، وصار حالنا كقول المتنبي: لقد ناديت لو أسمعت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي..اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد!!