آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:32 ص

تحقيقات وحوارات


د.خدابخش : الموازنة التشغيلية لمكتب الصحة ومستشفيات عدن لا تف بالغرض

السبت - 27 أكتوبر 2018 - 05:55 م بتوقيت عدن

د.خدابخش : الموازنة التشغيلية لمكتب الصحة ومستشفيات عدن لا تف بالغرض

بالأرقام كشف حجم الموازنة التشغيلية والكادر الطبي ..

مدير عام مكتب الصحة والسكان بعدن ل " عدن تايم" :

الموازنة التشغيلية لمكتب الصحة ومستشفيات عدن لا تف بالغرض

نعتمد على المساعدات والدعم الخارجي في ظل غياب الحكومة

الهلال الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان في طليعة الداعمين

السلطات المحلية لعبت دورا سلبيا في منح التراخيص الجديدة للصيدليات

ينبغي على الجهات الرسمية (النيابة والشرطة) عدم إهمال هذا ملف التسمم بالاسبرت

توجد لجان رقابية ولكنها ليست مفعّلة بصورة صحيحة بسبب الازدواجية

مستشفى الامراض النفسية كسيح ويعمل بالبركة

بات من الضروري إعادة النظر في الإستراتيجية الخاصة بالأجور

يحتل القطاع الصحي مكانة بارزة بين الأولويات التي تضعها الدول والحكومات على مستوى العالم، نظرا للأهمية التي يمثلها، ولكونه أحد أكثر القطاعات خدمة للمجتمع، غير أن هذا القطاع الحيوي لا يحظى بالأولوية ذاتها في بلادنا، خصوصا خلال السنوات الأخيرة التي خرج فيها الجانب الصحي من حسابات الحكومة وباتت تنظر إليه باعتباره "عبئا" يثقل كاهلها، غير آبهة بما يمكن أن يمثله هذا الإهمال من آثار على صحة الفرد والضرر الذي سيعود على المجتمع في نهاية المطاف.
ولعل الوضع المتراجع الذي يشهده القطاع الصحي في العاصمة يمثل المدخل الأهم لأي حديث عن الوضع العام لهذا القطاع، في ظل غياب الأثر الحكومي في عمل هذا القطاع، واعتماده التام على المساعدات التي تقدمها المؤسسات الخيرية العربية والجهات الدولية الداعمة، حسب ما جاء في حديث المسؤول الأول عن الصحة في عدن الدكتور جمال خدابخش الذي اطلع الصحيفة على الكثير من جوانب الخلل، والمعاناة اليومية لهذا القطاع ومنتسبيه من خلال السطور التالية.

حوار/ محمد ياسين:

في بداية حديثه أكد مدير عام مكتب الصحة في العاصمة عدن ضآلة حجم الموازنة التشغيلية ( الشهرية ) للمكتب والمرافق التابعة له ، مشيرا إلى أنها لا تفي بالغرض بأي حال من الأحوال ، كاشفا للصحيفة عن التفاصيل الرقمية لتلك الموازنات، بحسب التسلسل التالي.
مستشفى عدن العام 3 ملايين و 371 و835 ريال.
مستشفى الوحدة بالشيخ عثمان 9 ملايين و 2945 ريال.
مستشفى الأمراض النفسية 2 مليون 951 ألف و795 ريال.
كما تطرق إلى موازنات الجانب الصحي في مديريات العاصمة عدن، موضحا أنها تتوزع كالتالي:
مديرية صيرة 554 ألف و 445 ريال
مديرية خورمكسر 412 ألف و175 ريال
مديرية المعلا 265 ألف ريال
مديرية التواهي 775 و555 ريال
مديرية الشيخ عثمان 559 ألف و 665 ريال
مديرية المنصورة 477 ألف 775 ريال
مديرية دارسعد 716 ألف و155 ريال
مديرية البريقة مليون و342 ألف و 525 ريال
مكتب الصحة مليون و 532 ألف و 960 ريال.
ونوه إلى أن مستشفى عدن العام يتبع مكتب الصحة والسكان ويعمل بمركز واحد هو مركز التوليد فقط على غرار مستشفى الشعب.
وعن الكادر من الأطباء والاختصاصيين، قال: يبلغ عدد الأطباء الاختصاصيين بعدن 268 طبيبا، فيما يبلغ عدد أطباء العموم 386 طبيبا.
وفي حديثه عن معاناة القطاع الصحي بعدن ومنتسبيه ، قال خدابخش : " مكتب الصحة بعدن الأكثر التزاما بحسب تقييم الخدمة المدنية، وفي الوقت الذي يقدم خدماته ، إلا أن القطاع يعاني من الظلم والإهمال ، حيث أن إستراتيجية الأجور متوقفة منذ فترة طويلة ، والرواتب لم تعد تفي بمتطلبات الحياة في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار الناتج عن تراجع العملة المحلية"..
وأضاف : "من أجل مواجهة ذلك ، فقد بات من الضروري إعادة النظر في الإستراتيجية الخاصة بالأجور في هذا القطاع".
وأشار إلى أن هناك لجنة قد تم تشكيلها من قبل مكتب الصحة في العاصمة عدن تضم ممثلين من جميع الفئات النقابية في القطاع الصحي بالمحافظة، ومهمة اللجنة المساعدة في وضع إستراتيجية متوازنة للأجور، متمنيا على الجهات المعنية التجاوب مع عمل اللجنة وتنفيذ الإستراتيجية التي يجري إعدادها من أجل استمرار العمل في هذا القطاع المهم وحتى لا تخرج الأمور عن السيطرة، على حد قوله.
وعن دور المكتب في الرقابة على المرافق الصحية المنتشرة في مختلف المديريات، قال:" بالنسبة للرقابة هناك لجان رقابية ولكنها ليست مفعّلة بصورة صحيحة بسبب الازدواجية وتداخل الصلاحيات، ونعمل حاليا على إيجاد صيغة موحدة من أجل أن يكون دور الجهات الرقابية موحدا في المكتب و المديريات ، حيث تشكو المنشآت حاليا من سوء المعاملة، ومكتب الصحة يسعى لضم المستشفيات الخاصة من قبيل التكامل في العمل".
وتابع حديثه السابق ، بالقول:" هناك تكامل يحصل عند إطلاق حملات التحصين وغيرها من الحملات بحسب سياسة وزارة الصحة ، لكن هناك خلل في الإصحاح البيئي يؤثر على العمل أثناء تلك الحملات ، خصوصا الحملات الوقائية، حيث أن دور صحة البيئة ليس كما ينبغي ودور السلطات المحلية في التعامل مع الأزمات الطارئة يشوبه بعض القصور".
ويواصل الحديث عن عمل المكتب والمرافق التابعة له أثناء الحملات الخاصة بمواجهة الأوبئة والأمراض الفتاكة، فيقول:" لدينا خطة في ديمومة الوقاية من الأمراض، وهذا هو الإصحاح البيئي، ولابد من التوعية بضرورة تلقي اللقاحات للوقاية من الأمراض الفتاكة، وحين يكون لدينا إصحاح بيئي متكامل لن نبحث عن لقاحات، ماعدا لقاحات الأطفال".
وتابع :" الآن مثلا، على الجميع الاستعداد لأخذ لقاح الكوليرا ، وسوف تبدأ الحملة في 27 الشهر الجاري".
ولفت إلى دور بعض الجهات المجتمعية المساندة للعمل الصحي ، حيث قال:" لابد من تفعيل دور الإعلام الموجه، وأئمة المساجد للتوعية بأهمية الحملات، وكذا التربية والتعليم وتوجيه الطلاب في المدارس الحكومية والخاصة والجامعات والأمن والجيش، على كل هذه الجهات التوعية بضرورة وأهمية اخذ اللقاحات".
وتطرق مدير عام الصحة في العاصمة إلى ظاهرة الانتشار العشوائي للصيدليات، وطريقة حصولها على تراخيص العمل، فقال:" كثير من الصيدليات فتحت في فترات سابقة ، وقبل تولينا المسؤولية في المكتب، وهناك قانون ملزم بأن يكون توزيع تلك الصيدليات في مساحات جغرافية محددة، ولكن للأسف هناك اليوم ظاهرة الانتشار العشوائي للصيدليات، وهو أمر واقع ومفروض علينا".
ويشير إلى الجهات التي ساهمت في انتشار تلك الظاهرة السلبية، موضحا :" السلطات المحلية لعبت دورا سلبيا في هذا الجانب، وكذلك المكتب في فترة سابقة، لكننا الآن نقوم بتطبيق اللائحة الخاصة بشأن منح التراخيص الجديدة للصيدليات، ولا نعطي أي تصاريح جديدة إلا بعد الالتزام بالعمل وفق اللائحة".
ويؤكد:" من خلال عملنا نسعى لانتشال الوضعية الحالية بالية جديدة من أجل تصحيح وضع الصيدليات العشوائية والمزدحمة، وهذا يتطلب نوعا من التكامل مع مكاتب الصحة في المديريات التي عليها المساعدة في تنفيذ ما نعمل عليه، وندعو تلك المكاتب إلى تنسيق العمل وإنهاء الازدواجية القائمة،وأن يكون هناك تناغما ايجابيا في عملنا وعملهم".
الدور الحكومي غائب.. ونعتمد على المساعدات

وفي تشخيصه لأبرز مكامن الخلل في القطاع الصحي لفت المسؤول الأول عن القطاع في العاصمة إلى غياب الحكومة وتخليها عن أداء دورها، بالقول:"الحكومة ليس لها دور فاعل في دعم الصحة بشكل عام، وتعتمد وزارة الصحة على المنظمات المانحة والمنظمات الدولية، ومنذ اندلاع الحرب حتى الآن أصبح الاعتماد على تلك المنظمات بشكل تام، فهي التي ترفد الصحة باللقاحات والأدوية لمرضى الفشل الكلوي والأنسولين وأدوية زراعة الأعضاء ، وكذلك دعم الصحة الإنجابية والتغذية للأطفال والحوامل والرضع وغير ذلك من المستلزمات الصحية".
واسترسل في حديثه مقدما ابرز الداعمين الخارجيين للقطاع الصحي، والذين يحاولون سد الفجوة التي يخلفها الغياب الحكومي، حيث قال:" أبرز الداعمين في هذا المجال منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف للطفولة ، وهناك منظمات وهيئات أخرى مثل الهلال الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان". .
وقال "أرجو من الدولة إعادة النظر وإيجاد خطة صحية ومستقبلية واضحة لدعم القطاع الصحي بشكل كامل، وتوفير كافة الأدوية والمستلزمات الطبية والأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة مثل السرطان والفشل الكلوي وأمراض القلب والسكر والضغط وغيرها من الأمراض التي ترهق كاهل الأسر ماليا وصحيا واجتماعيا".
وردا على سؤالنا بشأن وفاة عدد من الأشخاص خلال الأيام الماضية بسبب تناولهم مادة قاتلة؛ قال: " بالنسبة لحادثة التسمم بمادة ( السبرت) التي حصلت مؤخرا في عدن كانت عرضية، لكن ينبغي على الجهات الرسمية (النيابة والشرطة) عدم إهمال هذا الملف، والأمر بحد ذاته (حادثة التسمم) شيء خطير، نظرا لارتباطه بوجود عناصر تعمل على تدمير المواطن والاقتصاد والوطن أيضا، ويجب التحقيق في الأمر ونشر النتائج للرأي العام"
وخصص المسؤول الأول عن الصحة في عدن جانبا من حديثه معنا لمستشفى الأمراض النفسية في الشيخ عثمان وما يعانيه من إهمال واضح ؛ فقال " مستشفى الأمراض النفسية الذي أنشئ في الثمانينات من القرن الماضي كهدية من دولة الكويت الشقيقة، للأسف لم يعط حقه من حيث التأهيل والترميم، باستثناء أشياء بسيطة قامت بها بعض الجهات على فترات متقطعة"
وأكمل حديثه قائلا:" المستشفى يعاني اليوم من تآكل دوره الطبي والفني والمهني بتقاعد وموت كوادره، وعدم رفده بالبديل، كما تآكلت أجهزته الطبية والعلاجية والتشخيصية حتى أصبح كسيحا.. فماذا ننتظر منه أن يقدم وهو بهذه الوضعية؟. لا كادر، ولا أثاث، ولا أجهزة، ولا سرر ، ولا أقل الإمكانيات المطلوبة، وهو يعمل بالبركة وبجهد ما تبقى من الكادر".
واختتم: " وضع هذا المستشفى بالذات سيكون موضوع حلقة نقاش سندعو إليها الجهات الرسمية في المحافظة، وجهات أخرى مثل الغرفة التجارية، من اجل دعم هذا المستشفى وانتشاله من الوضعية الحالية ، ونتمنى من الجميع التفاعل مع هذه القضية لأنها تمس شريحة مهمة جدا من المجتمع، ويجب التفاعل معه بصفة استثنائية".