آخر تحديث :الأربعاء - 24 أبريل 2024 - 03:48 م

تقرير مصير الجنوب


حق تقرير المصير الوطني و الهوية الجديدة - الجزء الاول (1)

الخميس - 28 يناير 2016 - 12:11 ص بتوقيت عدن

حق تقرير المصير الوطني و الهوية الجديدة - الجزء الاول (1)

عدن تايم / خاص وحصري :

ان الاندماج السياسي في اليمن لايزال مرفوضاً على كثير من المستويات ، سواء على مستوى الشعب أم على مستوى النخب السياسية ، وتاريخياً كان اليمن يعيش في ظل حضارتين واحدة في الجنوب وأخرى في الشمال ، ولم يعرف العالم يمناً موحداً إلا بعد أن انهار الاتحاد السوفييتي وتراجع على اثره العون الاقتصادي والعسكري ابان حكم جورباشتوف ، وخاض بعدها اليمنيون تجربة الاندماج السياسي العقيمة ، والتي سرعان ما تعرضت لهزة عنيفة نشبت عندها الحرب الأهلية عام 1994 ، وجاء عام 2015 ليشهد اجتياحاً شمالي – طائفي الطابع هذه المرة ، فارسي الهوى ، هبت على إثره نخوة العرب من المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي مع أبناء الجنوب ذوداً عن الأرض والعرض ، وأصبحت مؤامرة إيران في جنوب اليمن هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا ، لتبتدئ مع خروج آخر حوثي من أراضي الجنوب قصة أخرى مليئة بالأمل نحو جنوب عربي متحد جديد.
 
اكتسب حق تقرير المصير صفة قانونية جعلته يشغل حيزا معقولا في العالم السياسي الحديث ، البداية كانت في عام 1960 حينما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحد قرارها رقم (1514) الذي قضى بإعطاء الشعوب حقها باختيار مصيرها ، لاسيّما مصيرها في الاستقلال في كيان منفصل مراعاة لخصوصية طبيعة هذه الشعوب من النواحي الثقافية والاجتماعية والسياسية وغيرها، وكذلك احتراما وتقديرا لإنسانيتها في العيش الكريم وفق ارادتها كحق انساني بحت ، وأتى هذا التوجه في القرن الماضي كالموجة الطاغية حيث صاحبته حركة تراجع وانحسار الامبراطوريات الاستعمارية مما حرر الشعوب وأعاد لها كرامتها.
 
وقد حصلت معظم الشعوب المستعمرة على استقلالها وقررت مصيرها واختارت الكيان الذي يمثلها ويعبر عن طبيعتها الاعتبارية وهويتها وثقافتها ، وشملت العقود السابقة تغييرات جيوسياسية جسيمة أعادت رسم خارطة العالم الجيوغرافي والسياسي وخلقت كيانات وتكتلات جديدة ، والسؤال الذي يطرح نفسه ، لماذا  كانت المطالبة بحق تقرير المصير أمراً مقبولا في الماضي بينما أصبحت أمراً محرماً اليوم؟ المهم أنه لازال تقرير المصير حقاً مشروعاً يمتلك قيمته الاساسية والجوهرية من الناحية العملية ، وعليه يبقى على أبناء الجنوب ازاحة بعض المعوقات التي تعترض طريقهم الى تقرير مصيرهم بشكل مشروع وقانوني يتمتع باعتراف دول العالم وينتهي بتسجيل الكيان عضواً جديداً في الأمم المتحدة مع باقي الدول الأخرى.
 

العوائق السياسية الخارجية والداخلية: معالجة الاشكالات الأمنية والسياسية
 
تتعامل الحكومات المركزية في دول العالم مع هذا التوجه من ناحيتين فهي تتعامل معه داخلياً بأساليب القمع والردع باعتباره حركة داخلية انفصالية (سيبراتيست) وتتهم محركي هذه العجلة بنشر الفوضى وتتعامل معه في حدودها الجغرافية بأساليب أمنية ، وفي الخارج تتذرع بمبدأ الأمم المتحدة الداعي إلى ((عدم التدخل في شؤون الأقطار الداخلية)) وبالتالي تستخدم هذا المبدأ لمنع أي دعم خارجي قد يشجع تلك الحركات الانفصالية أو يقوي عنفوانها.
 
ومن الخارج ، تنظر الدول الى مطالب الشعوب في تقرير مصيرها الوطني من زاويتين ، مصالحها الوطنية وأمنها القومي بطبيعة الحال ، وهو أمر منطقي ، وبالتالي فإن ربط مصالح وأمن تلك الدول بصيغة تتناغم مع دعوة الشعوب لتقرير مصيرها من شأنه أن يجعله عاملاً مشجعاً لتجاوب العالم مع مطالب الشعوب في تقرير مصيرها بغض النظر عن المسميّات كانت انفصالا او استقلالا او فك ارتباط ، الخ
 
كما ينبغي مخاطبة الدول بالأمثلة والحجج فأمريكا قررت مصيرها بانفصالها عن بريطانيا الأم ، وكذلك الحال بالنسبة لأرتيريا ، وجنوب السودان ، وبالتالي من المهم الخروج من قوقعة التبرير بمشروعية هذا الحق القانوني والانتقال الى الخطوة التالية وهي الكيفية التي يتسنى من خلالها وضع الآليات اللازمة والاجراءات العملية للمضي قدماً في هذا المشروع الوطني ، وخاصة أن اليمن بات في حالة الدولة الفاشلة المنهارة على كافة المستويات ، ووضعت في المستوى الثالث من درجة الطوارئ الانسانية بسبب الأوضاع المتردية في قطاعات الخدمات الأساسية التي سببها الانقلابيون المتمردون على الشرعية من الحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع علي صالح.
 
ان خيار الجنوب العربي المتحد بات واقعاً بحكم انهيار الدولة واجتياح المتمردين الحوثة لمؤسساتها وخاصة عاصمتها الشمالية ، كما أصبح ضروريا لانتشال البلد من واقعه الأمني المأساوي قبل أن يتجه إلى النموذج الليبي أو ننتهي بصوملة كاملة للبلاد ، فالواقع أن المناطق المحررة التي استردتها الشرعية تتركز في أغلبها في الجنوب حيث تم تحريره بالكامل من براثن الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع ، وقد فرضت الاحداث الأخيرة واقعاً جديداً أصبح لا يسمح بعودة البلاد إلى طبيعتها السابقة ، وهذا الانفصال الواقعي الذي نراه اليوم أصبح حقيقة تجسدها وجود الشرعية في عدن عاصمة الجنوب.