آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:32 ص

تحقيقات وحوارات


ماذا وراء تأخر عودة عمل السلطة القضائية في عدن ؟

السبت - 15 أبريل 2017 - 09:34 ص بتوقيت عدن

ماذا وراء تأخر عودة عمل السلطة القضائية في عدن ؟

تقرير / وديد بن ملطوف


العدل أساس الحكم ،والقضاء عامل أساسي للاستقرار ، وفي غيابه تضيع العدالة وينتشر الظلم ويستشري الفساد وتكثر الانتهاكات وتزيد معدلات الجريمة وتعم الفوضى في كل مكان .
منذ اندلاع حرب 2015 الأخيرة التي فجرتها المليشيات الانقلابية على عدن توقف عمل القضاء والقضاة وتدمرت الكثير من المباني القضائية من محاكم ونيابات وتعرضت الأخرى للنهب والسرقة ، ومؤخرا وبجهود كبيرة من الدولة و القائمين على المحاكم وبضغوط شعبية واسعة ومتواصلة بدأت العودة الجزئية لبعض المحاكم حسب الإمكانيات والموارد المتاحة كالمحكمة الإدارية والتجارية ، أما المحاكم الابتدائية فلا زالت متوقفة عن النظر فيما يخص القضايا الجنائية ، لان النيابة هي التي تحرك هذه القضايا وتقوم برفعها للمحاكم وهي غير مفعلة بالشكل المطلوب حتى اللحظة  بسبب بعض المشكلات التي تعاني منها .. فما هي هذه المشاكل والأسباب ؟ وما الذي يعيق عودة السلطة القضائية للعمل بكل طاقتها . 

إثارة الفوضى
زاهر صالح الجنيد محامي وناشط حقوقي تحدث قائلا : (( عدم تفعيل السلطة القضائية من وجهة نظري لسببين الأول سياسي بحت وهو رغبة جهات معينة في الجهاز القضائي لها ارتباطات غير مباشرة قد تكون سياسية ببعض القوى المتصارعة بان يظل حال القضاء واقفا بهدف أثارة الفوضى وبالتالي إفشال الاستقرار والتنمية في المناطق المحررة وإفشال الحكومة الشرعية في الإدارة أمام دول التحالف والعالم ، وأما السبب الثاني فهو سبب امني يتذرع به القضاة دائما من حيث انعدام الأمن وضعف الأجهزة الأمنية في أداء دورها في حماية المحاكم والقضاة بأشخاصهم )) .
ويرى الجنيد أن لغياب القضاء آثار مترتبة على حياة الناس كانتشار الفوضى وزيادة معدل الجريمة حيث يلجأ المتخاصمين للعنف واستخدام القوة على بعضهم البعض لاستيفاء حقوقهم بسبب توقف الأجهزة القضائية إلى جانب توقف سير مصالح الناس وحقوقهم في بعض المعاملات مثل توثيق العقود 
وثائق أتلفت وأحرقت
في أواخر فبراير 2017 قام الدكتور علي ناصر سالم با بريك رئيس مجلس القضاء الأعلى برفقة القاضي فهيم الحضرمي رئيس محكمة استئناف عدن بزيارة لعدد من محاكم عدن للاطلاع على حجم الأضرار التي تعرضت لها محاكم عدن من قبل المليشيات الانقلابية الحوثية ووعد بعودة قريبة للسلك القضائي للعمل من جديد، وفي زيارته لمحكمة صيره التي تدمرت بشكل كلي تفحص حجم الأضرار التي لحقت بالملفات والوثائق والتي تعرضت للحرق والتلف بواقع 40% من الوثائق المخزونة



تدمير المباني القضائية
القاضية إكرام العيدروس رئيس محكمة الضرائب بعدن تحدثت عن سبب عدم عودة السلطة القضائية بشكل كامل للعمل : ((في الحرب دمرت المباني القضائية بشكل كبير مثل (المجمع القضائي بالمعلى) وهو مبنى جديد استلمناه قبل الحرب بثلاثة أشهر مجهز كاملا بكل المعدات وكان يضم ثلاثة محاكم هي (محكمة الضرائب الابتدائية والمحكمة الإدارية ومحكمة المرور ) وفي كريتر محكمة صيره ومحكمة الاستئناف تم تدميرهم كاملا والى اللحظة لم يتم توفير المباني البديلة ولا التجهيزات ولا الموارد المالية للعمل .

غياب الهيئات القضائية العليا
تضيف القاضية إكرام العيدروس بان الجانب الأمني وحتى الحماية الأمنية لم تتوفر إضافة إلى عدم وجود وحدة أمنية واحدة في امن عدن لتعامل القضاة معها 
وأردفت قائلة أن غياب الهيئات القضائية العليا من مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا ومكتب النائب العام ومكتب وزير العدل في عدن هو احد الأسباب الرئيسية في تأخر العودة 
وأضافت القاضية العيدروس : (( نحن حاليا متواجدون في المحكمة التجارية بعدن كحل مؤقت اضطراري بجهود ذاتية من رئيس محكمة الاستئناف القاضي فهيم عبد الله محسن وبتكاتف القضاة معه  وذلك بعد ما استشعرنا بمسؤولياتنا تجاه المواطن ومعاناته حيث إن بعض المواطنين كانوا يذهبون إلى محافظات أخرى لإخراج أحكام انحصار الوراثة أو إثبات الحالات أو توثيق المستندات وكان هذا يرهق كاهلهم ويصرفون مبالغ طائلة للأسف وكما تعلم بان هذه المدينة أهلها يعتمدون على مرتباتهم فقط والتي أصبحت اليوم لا تكفيهم )) .

توقف النظر في القضايا الجنائية
ونوهت القاضية العيدروس بالقول : المحاكم حتى ألان تعمل في نظر بعض القضايا المستعجلة وأما القضايا الجنائية فالنيابة هي صاحبة الولاية في تحريك الدعوى الجنائية والمحاكم لا تتلقى الدعاوي الجنائية مباشرة بل يجب إن تحرك عبر النيابة التي تعاني أيضا بعض المشكلات والتي تتمثل في غياب منظومة النيابة العامة وبالذات مكتب النائب العام بالإضافة إلى عدم وضوح في الرؤية في تبعية السجون وكذلك تعدد جهات الضبط وهذا يسبب لنا مشكلة إلى جانب إن القضايا المدنية اليوم تحكمها تعدد الجهات والقضاء يحتاج إلى أرضية أمنة يحكمه الأمن وجهات ضبط حددته القوانين النافذة  

إمارات الخير تتكفل بميزانية السلطة القضائية لعام 2017م
تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من اكبر الدول الداعمة لليمن في الأزمة الحالية وقد قدمت بشكل كبير خدماتها في كل مناحي الحياة بالعاصمة المؤقتة عدن والمناطق المحررة ومنها دعم أجهزة القضاء من خلال تقديم برامج تدريب وتأهيل لعدد 50 قاضيا من أعضاء السلطة القضائية أقيمت في دولة الإمارات مؤخرا
 مصدر قضائي أكد أنها وافقت مبدئيا بإعادة تأهيل كل المباني التابعة للسلطة القضائية في عدن والتي تعرضت للتخريب والدمار من قبل المليشيات الانقلابية إلى جانب ذلك التزمت بتكفل ميزانية السلطة القضائية في عدن خلال هذا العام 2017 م 
وبهذا تكون دولة الإمارات العربية المتحدة قد جسدت روح الإخوة بمد يد العون والمساعدة لشقيقتها اليمن

أسباب سياسية
ترى المحامية والناشطة هدى الصراري أن عدم تفعيل القضاء إلى يومنا هذا يعود إلى أسباب سياسية أكثر منها أمنية فعدن صارت أكثر أمنا من ذي قبل ولا داعي لخوف أعضاء السلطة القضائية من مباشرة أعمالهم بدليل أن بعض أعضاء السلطة القضائية يمارسون مهامهم بشكل يومي بالرغم من الصعوبات التي تواجههم من حيث الاحتياجات اللوجستية التي تحتاجها السلطة القضائية لمباشرة الأعمال بالإضافة إلى المقرات .
وأشارت الصراري إلى انه قد سبق ونادي القضاة ببعض المطالب المهمة التي تمكن من عودة عملة لكن لم تلقى تلك المطالب آذان صاغية من قبل الدولة .
أثار سلبية كبيرة
تضيف الصراري أن تعطيل القضاء إلى يومنا هذا له اثأر سلبية كبيرة على حياة المواطن بشكل عام من حيث تطبيع الحياة في عدن باعتبار القضاء هو بوابة العدل ولن تستقيم أمور المواطنين إلا من خلال إقامة العدل بين أوساط فئات المجتمع ومن وجهة نظري يجب على الدولة تلبية مطالب السلطة القضائية من اجل عودة العمل من جديد والضغط فيما بعد على أعضاء السلطة القضائية بمباشرة أعمالهم اليومية لخدمة المواطنين وتطبيع الحياة في عدن وفتح كافة درجات التقاضي وإتاحة المجال للنيابة لمباشرة أعمالهم في التحقيق والسماح لهم بدخول كافة المؤسسات العقابية الشرعية وغير القانونية باعتبارها سلطة اتخاذ القرار في القبض والتحقيق واتخاذ كافة الاجرات القانونية التي تختص فيها وحدها دون غيرها بما كفله لها الدستور اليمني والقوانين 
محاكم لاتقوم بالتوثيق
المحامي وعضو نقابة المحامين اليمنيين شميم العبدلي تحدث قائلا : ((إن محاكم التوثيق في عدن فتحت فقط لعمل الوكالات ووكالات التصرفات فقط ولا تقوم بتوثيق أي عقود بيع مما يسبب ضرر كبير للناس حيث إذا ما أراد احد شراء أو بيع عقار لا يستطيع توثيقه أمام المحكمة وهو ما يسهل عملية التحاليل والبيع لأكثر من طرف وبالذات أن هناك ضعفاء النفوس ومن لا يخافون الله وهوايتهم الظلم واكل أموال الناس بالباطل )).
ويضيف العبدلي انه إذا وجد توثيق العقود أمام المحكمة فسوف يوقف مثل هؤلاء الظلمة عن أعمالهم فبتوثيق العقود حماية للحقوق في الحاضر والمستقبل حيث أصبح الكثير يلجأ للتوثيق العرفي إما أمام محامي أو إمام أو عاقل حارة أو أمين شرعي حيث أن الأخير كان له أحقية التوثيق سابقا إلا انه تم منع الأمناء الشرعيين من التوثيق فلو أن المحاكم سوف تعتمد توثيق العقود العرفية فيما بعد والتي هي مصبوغة بختم المحامين باعتبارهم يمثلون القضاء المتوقف فسوف يكون تسهيل للتوثيق بالوقت الراهن .
 -----------------------------------------------------------
ختاما ..
التأخير في تفعيل عمل السلطة القضائية من محاكم ونيابة أدى إلى تفاقم المشاكل والقضايا والتي وصلت بعضها إلى قيام الإطراف المتنازعة والمتصارعة بالاقتتال فيما بينها للأخذ بحقها أو اللجوء إلى أساليب غير قانونية لا تساعد على فرض هيبة الدولة بل تثبت عجزها وفشلها في خلق أجواء أمنة لعمل القضاء في ظل عدم وجود قضاء مفعل يحل مشاكل المواطن وفقا للقانون .