آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 11:25 ص

الصحافة اليوم


صحيفة اماراتية تفتح النار على «الإصلاح» : انتهازية في اليمن بصبغة «إخوانية»

السبت - 14 يناير 2017 - 10:41 ص بتوقيت عدن

صحيفة اماراتية تفتح النار على «الإصلاح» : انتهازية في اليمن بصبغة «إخوانية»

عدن تايم - الخليج :

كشفت المرحلة التي يعيشها اليمن منذ استيلاء جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول من العام 2014، عن وجود تيارات سياسية في البلاد تعمل على استثمار التحركات الداخلية والإقليمية والدولية لتعزيز مواقفها ومصالحها، حتى إن كان ذلك يتعارض مع مصلحة الشعب اليمني.
وخلال الفترة التي سبقت دخول الحوثيين إلى صنعاء ، ظلت جماعة «الإخوان المسلمين»، الممثلة في حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، تترقب وسيلة للتعايش معهم، الذين لم يقبلوا إلا باجتثاث الجماعة من الخريطة السياسية، فتساقط أعضاؤها وأنصارها كأوراق الخريف، وافسحوا المجال للحوثيين لدخول العاصمة، من دون أن يقوموا بأي ردة فعل، أو حتى الدفاع عن كيانهم ورموز حضورهم، مثل مقار الحزب التي كانت تنتشر بشكل كثيف في العاصمة صنعاء، إضافة إلى منازل كبار قادة الجماعة، ورمز سلطتهم الدينية، المتمثلة بجامعة الإيمان التي كان يترأسها عبدالمجيد الزنداني، صاحب فتوى تكفير خصومه من الجنوبيين في الحرب التي تم شنها ضد شركاء دولة الوحدة الجنوبيين.
بعد تمكن الحوثيين من الإمساك بزمام الأمور في العاصمة، بالتنسيق مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وعلى إثر انطلاق «عاصفة الحزم» بقيادة السعودية في السادس والعشرين من مارس/‏ آذار من العام 2015 لاستعادة الشرعية التي يمثلها الرئيس عبدربه منصور هادي، كان حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، أكثر الأحزاب والتيارات السياسية إعاقة لاستعادة الدولة عبر العراقيل التي كان يضعها أمام تحرير المدن والمناطق من سيطرة الحوثيين، بخاصة في المناطق الجنوبية من البلاد، إضافة إلى تعز.

وكشفت مصادر موثوقة أن جماعة الإخوان ظلت على مواقفها المتأرجحة في دعم جبهات القتال، رغم أن عدداً من كبار قادتها أعلنوا تأييدهم ل«عاصفة الحزم»، لكن اتضح أن هذا التأييد لم يكن سوى عبارة عن مناورة تكتيكية لامتصاص نقمة الناس ضدهم في الداخل، الذين كانوا يتوقعون انخراط الجماعة في المعارك الدائرة منذ معارك عمران والسيطرة على اللواء 310 مدرع، الذي كان يقوده اللواء حميد القشيبي، المحسوب عليهم، وهي المعارك التي أفضت إلى سقوط صنعاء.
الأغرب أن هناك معلومات أكدت مشاركة جماعة الإخوان إلى جانب الانقلابيين في الحرب ضد الشرعية، وهو ما كشفته وثائق عثر عليها في مواقع سيطرت عليها قوات الشرعية في محافظة صعدة خلال الأسبوع الماضي، وهي عبارة عن بطاقات مقاتلين ينتمون إلى «الإخوان».
لقد انهار تيار الإخوان أمام قوات الحوثي وصالح، ولم يقف أمام التمرد، بهدف الحفاظ على أعضائه وانتظار لحظة ضعف الحوثيين للانقضاض مجدداً على الأوضاع، وقد مارس هذه الانتهازية أثناء تحرير عدن والجنوب، حيث سعى لدخول المشهد قرب النهاية لقطف ثمار النصر الذي تحقق في هذه المناطق، ويريد أن يقطف الثمار مرة ثانية في عملية تحرير تعز، التي بدأت تأخذ منحى تصاعدياً خلال الفترة القليلة الماضية، خاصة الساحل الغربي للبلاد، وعلى رأسها باب المندب لتأمين الملاحة الدولية.
لقد دفع حزب «التجمع اليمني للإصلاح» أعضاءه لخوض معارك جانبية عوضاً عن المعركة الأساسية المتمثلة في تحرير المناطق التي لا تزال تحت قبضة الانقلابيين، وتخاذل مقاتلوه في الميدان عن تحرير مدينة تعز التي تدور فيها معارك شرسة منذ عدة أشهر بهدف تخليصها من قبضة الميليشيات الحوثية، ما تسبب بتأخير حسم المعركة، تماماً كما حدث في عدن والجنوب، وما يدور اليوم في منطقة ذوباب والمناطق المحيطة بتعز ما هو إلا دليل على ذلك.
انتهازية مفضوحة

انتهازية جماعة الإخوان ليست جديدة، فقد تم اختبارها في أكثر من محطة، فخلال العامين من حرب ضروس بين الانقلابيين وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في أكثر من مكان، مدعومة بقوات التحالف العربي، التي استجابت لطلب الرئيس هادي، كانت جماعة الإخوان تعمل على منع النصر من التحقق حتى لا يحسب للجيش الوطني وقوات التحالف العربي، وقد ظهر ذلك بوضوح في المناطق الجنوبية، وعدن تحديداً خلال العام 2015، حيث كانت تريد التأكيد أن أعضاءها هم من يقفون وراء النصر، وليس غيرهم.
وكان التنسيق بين جماعة «الإخوان» وتنظيم «القاعدة» واضحاً للجميع، وهناك دلائل أشارت إلى وجود ترابط كبير بين الجماعة والتنظيم، الذي يعد امتداداً لفكر الإخوان وتربيتهم، وفي هذا يؤكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، أن انتهازية الإخوان في حرب اليمن انكشفت، بدليل وجود أدلة باليمن حول التنسيق بين جماعة «الإخوان» وتنظيم «القاعدة».
ويشير قرقاش في سلسلة تغريدات نشرها في وقت سابق من العام الماضي، إلى أن انتهازية الإخوان في حرب اليمن كانت مكشوفة، وأنهم «لم يتورعوا عن التعاون والتنسيق مع القاعدة والإرهاب، وهو موقف تكرر في العديد من الساحات العربية الأخرى».
ويرى قرقاش أن استغلال الإخوان الانتهازي للدين أصبح مكشوفاً ومفضوحاً، وأن «الأدلة التي تم العثور عليها في اليمن حول التنسيق بين الإخوان والقاعدة دامغة، لعله إرث سيد قطب التكفيري من جهة، وتاريخ من الانتهازية السياسية الموثقة»، معتبراً أن «الانتهازية سمة الإخوان في «الربيع العربي» الذين تمكنوا من سرقة طموحات تحركات الشباب وإحباطهم، وتحكموا، وتسلطوا، وهمشوا حتى سقطوا مرة أخرى، مثلما حدث في اليمن، عندما ركبوا موجة التغيير وأرادوا الاستئثار بالحكم بمفردهم».
ويشير قرقاش إلى أن حزب التجمع اليمني للإصلاح/‏ الإخوان همهم الوحيد هو السلطة والحكم في اليمن، وتخاذلهم في تحرير تعز هي من السمات لتيار انتهازي تعوّد على المؤامرات، وموقفهم الآن في تعز موثق، وسيوثق التاريخ تخاذلهم وانتهازيتهم، بعدما فاحت الرائحة النتنة لهذا التخاذل.

مشكلة لا حل

منذ بداية ثورات «الربيع العربي»، كان الإخوان على الدوام جزءاً من المشكلة لا الحل، وقد تخندقوا منذ بداية ثورة الشباب في اليمن ضد نظام صالح وأحكموا سيطرتهم على الثورة، قبل أن يقوموا بتجييرها لمصلحتهم، بعد أن تمت الاستجابة لمطالب ثورة الشباب بإرغام صالح على التنحي بموجب المبادرة الخليجية التي رعتها دول مجلس التعاون الخليجي في إبريل /‏نيسان من العام 2011، والتي أفضت في نهاية المطاف إلى انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي في فبراير/‏ شباط 2012، إلا أن الإخوان أرادوا تقييد الرئيس هادي عبر سلسلة من الإجراءات في الشارع، بفعل تحكمهم في الكثير من المؤسسات الحكومية وفي ساحات الاحتجاجات.
وظلت سياسة الإصلاح/‏ الإخوان أثناء المرحلة الانتقالية تسير باتجاه تصاعدي نحو تقييد حركة هادي، وخاضوا معركة للاستيلاء على مفاصل السلطة والقرار، عبر سلسلة من التعيينات في مفاصل الدولة.
وتمكن الإخوان من السيطرة على الدولة عبر سلسلة من الإجراءات وتمكين أنصارهم من الاستحواذ على الأجهزة التنفيذية وتعيين أعضائهم في الوزارات والمؤسسات الحكومية التي استنزفت معها ميزانية الدولة الضعيفة أصلاً، كما يحدث اليوم مع جماعة الحوثي.
وبعد سيطرة المتمردين الحوثيين، المسنودين بقوات الرئيس المخلوع على الأوضاع في صنعاء عاد الإخوان إلى الانتهازية من جديد بعدما تركوا البلد فريسة لأطماع المتمردين، ولم يكتفوا بذلك، بل عملوا على خلخلة الصف الوطني من خلال التأخير في حسم المعارك الهادفة إلى تحرير المدن التي سيطر عليها الحوثيون خلال مدة زمنية قصيرة. ولم يعلن الإخوان انضمامهم للشرعية إلا بعد أن حصلوا على وعود باستيعاب قادتهم الفارين من اليمن في التركيبة الجديدة للحكومة التي جرى تشكيلها بعد خروج رئيس الوزراء السابق خالد بحاح.
وقد حذرت قيادات جنوبية من مغبة استغلال قيادات الإخوان للانتصارات العسكرية التي حققتها على الأرض المقاومة الجنوبية وقوات التحالف العربي، بعدما حاول الحزب بانتهازيته المعروفة عنه استثمار هذه الانتصارات لمصلحته، وقطف ثمار انتصارات «عاصفة الحزم» وانتصارات المقاومة في الجنوب، معيدة التذكير بأن الإخوان كانوا جزءاً أساسياً من قوى حرب صيف 1994 ضد الجنوب.

دعم الإرهاب

ترى أطراف سياسية في حضرموت، أن الإخوان يدعمون الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم «القاعدة» لتحقيق أهدافها الوصولية، وما يدل على تخبطها ونيتها المبيتة، ما كشفه نشطاء يمنيون في الآونة الأخيرة من أن جماعة الإخوان جندت أكثر من 100 شخص لمصلحة التنظيمات الإرهابية.
ويؤكد الناشط اليمني صلاح الحضرمي، في تقرير نشره مركز «المزماة للدراسات والبحوث» أن هناك هجمة شرسة مستمرة يشنها الإخوان على حضرموت بطريقة عشوائية، وأن هذه الهجمة تدل على حالة التخبط التي وصل إليها إخوان اليمن، مضيفاً أن هناك إحصائيات تم الحصول عليها تؤكد أن حزب الإصلاح الإخواني في حضرموت جند أكثر من 100 طالب دون العشرينات في تنظيم «القاعدة»، ما يعني أن هجمات إرهابية يتوقع حدوثها خلال الأيام والأشهر القادمة.
ويشير المركز إلى أنه «لم يعد حالياً التعاون بين الجماعات الإرهابية وتنظيم الإخوان مخفياً على أحد في اليمن، حتى طرق الدعم والتمويل أصبحت مكشوفة بعد تورط جمعيات خيرية تابعة للإخوان في تحركات مشبوهة هدفها تقديم الدعم والمساندة للجماعات الإرهابية التي لا تنشط حالياً إلا في المحافظات الجنوبية التي يرى حزب الإصلاح والميليشيات الحوثية وعلي عبدالله صالح أنهم خسروا كل ما فيها».
ويعتبر المركز أن «وجود هذا النوع من التعاون بين إخوان اليمن/‏ حزب الإصلاح والتنظيمات الإرهابية الناشطة في عدد من مناطق البلاد، يسدل الستار على مخططات إرهابية تنوي هذه الجماعات تنفيذها في اليمن لإرباك عمل قوات التحالف العربي والحد من تقدمها، وبهذا تكون جماعة الإخوان قد أعلنت رهانها على الجماعات المتطرفة في موقفها تجاه الأحداث الدائرة في اليمن، وهو ما يقتضي تكاتفاً عربياً ودولياً».

«إخوان» في صفوف الانقلابيين

شكل العثور على وثائق كانت في جيوب المقاتلين في مواقع عسكرية تابعة للانقلابيين في منطقة البقع بمحافظة صعدة، وتعود لأعضاء تابعين لجماعة الإخوان، صدمة لكثير من المراقبين، بخاصة أن الجماعة ظلت تؤكد خلال الفترة الماضية أنها ضد الانقلابيين، وتقف إلى جانب الحكومة الشرعية.
العثور على تابعين للإخوان يقاتلون جنباً إلى جنب في صفوف الانقلابيين الحوثيين، وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح في صعدة وجبهات أخرى، يؤكد ازدواجية المواقف والانتهازية التي درج حزب «التجمع اليمني للإصلاح» على اتباعها، فهو لا يريد الانخراط بشكل كامل مع الشرعية التي حصل منها على الكثير من المناصب والمراكز المهمة السياسية منها والعسكرية والإعلامية، والدليل على ذلك مواقف الجماعة في المعارك التي تدور رحاها اليوم في مناطق مختلفة من البلاد، بخاصة تعز وباب المندب ونهم ومأرب والجوف وشبوة وغيرها، من المناطق، حيث تطرح هذه المواقف تساؤلات عن مسيرة حزب اختبر صعوبة التوفيق بين المبادئ والمصالح، ومغزى تحالفاته المتعددة مع القوى السياسية ذات التوجهات المتباينة.
وتتداخل ارتباطات جماعة الإخوان بالتنظيمات الإرهابية، ومنها «القاعدة»، حتى إن عدداً من التنظيمات المفرخة في تعز على سبيل المثال، لها ارتباطات تنظيمية بجماعة الإخوان وتستخدمها الجماعة لفرض مشاريعها، حيث يوجد في المدينة العديد من التنظيمات والفصائل الدينية، بعضها مرتبط بتنظيم «القاعدة»، والآخر ب«داعش»، لكن ما يجمعها هو ارتباطها بجماعة الإخوان، وقادة هذه الجماعات يتوزعون بين اليمن ودول خارجية، من أبرزها تركيا.
أكثر من هذا هناك، حقائق تشير إلى أن جماعة الإخوان تحاول قدر الإمكان إطالة أمد المعركة عبر تغذية الانقلابيين بمختلف الأسلحة من خلال المساعدة في وصولها إلى أيدي الانقلابيين عن طريق شخصيات نافذة تعمل على تسهيل وصول هذه الأسلحة إلى أيدي المتمردين، لأن الجماعة تعتقد أن انتهاء الحرب في البلاد سيفقدها مصادر الإثراء غير المشروع من تجارة السلاح والحصول على الأموال.
لذلك يعاني اليمنيون انتهازية جماعة الإخوان المسلمين الممزوجة بالمصالح السياسية والحزبية، حيث تبذل الجماعة عبر هذه الانتهازية، جهوداً مستمرة لمراكمة هذه المصالح وتحقيق ثروة على حساب الشعب الذي يتوق إلى التخلص من توابع وتداعيات الانقلاب الذي يقوده الحوثيون، وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح.